الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الكريم، سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد، فمن المعروف لدى علماء الاقتصاد أن مسألة تغير قيمة العملة كانت ولا زالت من الأبحاث الحساسة التي تشمل حياة الإنسان اليومية، وعلاقاته الفردية أو الاجتماعية، ومع تطور هيكل الأسرة، ازدادت رغبة الفرد في اقتناء ما يعوزه من بضائع وماشية، المنعدمة الوجود لديه، فلجأ إلى فكرة تبادل بضاعة ببضاعة أخرى كالجلد إلى آخره، وقد مر التعامل بل التبادل بين الأفراد لفترات عديدة قبل أن يرتكز التبادل على المعادن الثمينة كالذهب والفضة كقوة شرائية لما لهاته المعادن من خصائص كعدم التغير عند الاستعمال.
وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت النقود الرائجة هي الذهب والفضة، حيث لم ينافسهما أي معدن آخر، وبالتالي كانت الدنانير الذهبية والدراهم الفضية معيارًا اتخذه خاتم النبيين والمرسلين لتنظيم تعامل المسلمين في حياتهم الاقتصادية فقد أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يتم التبادل والصرف بدون ربا، وأن يكون التعامل بغير زيادة أو نقصان في الاشتغال بالذهب أو دينارًا بدينار أو فضة بفضة أو تبادل درهم، وذلك مما ورد عن الإمام مسلم، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب وزنًا بوزن، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)) (١) . والجدير بالملاحظة في مثل هذا التبادل المسموح به أن شرط التماثل بغير زيادة يسقط إذا تم بيع الذهب أو الدينار بالفضة أو الدرهم أو العكس، وهذا يعني أنه يحرم التفاضل في الجنس الواحد من النقدين بجنسه سواء كانت الزيادة من جنسه أو من الجنس الآخر أو من غير ذلك، كأن يقع بيع ذهب بذهب أكثر منه، أو بذهب مثله ويزيد بينهما فضة، أو بذهب مثله ويزيد بينهما عرضًا وطعامًا، ويعتبر هذا حراما.