ومن الشروط المفروضة في الصرف الإسلامي أن يتم قبض الثمن في المجلس قبل الافتراق فلا يباع غائب بحاضر ولا يتأخر القبض كما جاء في الحديث الشريف عن عبادة، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:((سواء بسواء يدًا بيد ... )) ، أي يجب أن يتم البيع والشراء في مكان واحد، ويتم الأخذ والعطاء في نفس المكان إلا أننا نشاهد في بعض الأحيان أن البيع قد يتم بين المتعاقدين ويتحصل المشتري على البضائع، إلا أنه قد يتفق الطرفان على أن يقع تسليم الثمن في الأسبوع الثاني أو بعد شهر، وهو ما يسمى بالبيع المؤجل من حيث تسديد ثمن البيع، والمشكل الذي قد يتطرق إلى الأذهان هو كيف يكون التسديد لذلك الثمن المتفق عليه بين المتبايعين في صورة انخفاض أو ارتفاع قيمة الدنانير الذهبية، ويا ترى كيف يكون موقف البائع يوم قبض الثمن في صورة تغير سعر الصرف يوم الأداء. فهل يطالب المشتري بدفع قيمة البضاعة يوم ثبوت الدين أو يوم الأداء؟ فقد عرضت هاته المشكلة على الرسول عليه الصلاة والسلام فأرشدنا كعادته لما هو صلاح الأمة، فعن ابن عمر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع الدراهم وآخذ الدنانير، فقال لا بأس أن تأخذ: سعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعتبر في هذه الحالة بأن الديون تؤدى بمثلها ولو بقيمتها، أي عملا بسعر الصرف يوم الأداء لا يوم الثبوت لذلك الدين. إذا فالعبرة بالسوق وبتغير القدرة الشرائية للمواطن، فتطبيقًا لسنة سيد المرسلين إذا باع زيد لصالح بمبلغ خمسين دينار، واتفق الطرفان على أن يقع تسديد هذا المبلغ مثلًا " وفقًا للطاقة الشرائية للطرف المشتري " بعد شهر مثلًا، علمًا بأن المبلغ المتفق عليه يوم البيع كانت قيمته عشرة أو أحد عشرة غرامات من الذهب إلا أنه في يوم الدفع أصبح المبلغ المذكور لا يمكنه من الاقتتاء سواء سبعة أو ثمانية غرامات ذهب، وذلك جراء انخفاض قيمة تلك الدنانير يوم السوق، إلا أنه عملًا بالسنة الشريفة يجب اعتبار أن أصل الدين يؤدى بمثله لا بقيمته، أي أداء سعر الصرف يوم الأداء لا يوم ثبوت الدين.