هذا ما كان جاريًا في عهد الرسول وفيما بعده في عهد الصحابة رضي الله عنهم، إلا أننا نلاحظ مع مرور الزمن أن الأوراق النقدية قد حلت محل الدنانير الذهبية والدراهم الفضية، وببروز الفلوس شاع الغش والتزييف مما أدى ببعض الفقهاء إلى اعتبار القيمة في مثل هاته الحالة، أي أداء القروض حسب قيمتها. إلا أننا نلاحظ خلال القرون التالية وإلى عصرنا الحاضر خاصة عندما بدأت الدول الصناعية تسعى جاهدة لفرض كيانها الاقتصادي والعسكري على الدول النامية بانتشالها للثروات الاقتصادية للدول النامية، مما أدى إلى تضييق مواردها الإنمائية وإلى كساد اقتصادها الداخلي، وذلك بأن سعت الدول الكبرى إلى تقسيم العالم إلى مناطق مالية كل منطقة تابعة من حيث قوة شرائها إلى إحدى الدول الكبرى كمنطقة الفرنك التابع للفرنك الفرنسي، أو منطقة الدولار لتبعيتها لأمريكا.. إلى آخره. زيادة على ذلك، قامت هاته الدول الكبرى بتتبع سياسة ما يسمى بفرق تسد بإشعال الفتن في هاته الدول التابعة حتى تصدها عن استغلال الثروات الباطنية حتى أصبحت اليوم تعتبر كأسواق للشراء فقط للبيع تقتني موارد الدول الكبرى بأسعار تفوق طاقتهم الشرائية بدون أن تتمكن من ناحيتها من رواج منشآتها الاقتصادية، مما أدى بها إلى الوقوع في التضخم المالي المعروف بزيادة مقدار النقود السائلة وانخفاض القيمة الشرائية للأفراد بسبب تأثير هذه الزيادة على ارتفاع الأسعار، ولمقاومة التضخم عمدت بعض الدول النامية بإصدار قائمة الأسعار للرفع من قيمة الأجور قياسًا بارتفاع تلك الأسعار.
وقد تطرق بعض الاقتصاديين إلى فكرة ربط القرض بقائمة الأسعار، وهذا لا يخلو حسب رأيي من مخاطر، كما نلاحظ قبل اختتام كلمتنا عن تغير قيمة العملة أن هنالك من الاختصاصيين في علم الاقتصاد من يطالب برد القرض بقيمته اعتبارًا لانخفاض الأسعار، وهذا أيضًا لا يخلو من مجازفة وعلينا بالتمسك بالسنة الحنيفة وتجنب الأخذ بما يرد إلينا من الدول الربوية، الذي زين لهم الشيطان أعمالهم، ولنخشَ ذلك اليوم الموعود الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، وعلى الله التوفيق.