للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغزو الفكري

في المعيار العلمي الموضوعي

إعداد

الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

عضو مجمع الفقه الإسلامي بجدة

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة المؤلف:

اتسمت أكثر كتابات الكاتبين الإسلاميين في العصور الحديثة حين يكتبون عن الغزو الفكري بالمعالجة العاطفية والروح الخطابية، وتغلب المنهج القديم الذي كان المسلمون يكتبون كثيرًا بمقتضاه وينظرون إلى الأمور من منظوره، وهو منهج خيالي موغل في رؤية الذات، مجانف للغة الواقع، عقيم غير منتج، طالما مشى عليه المسلمون من قبل فلم يجنوا إلا الخسارة بالرغم من أنهم على حق وأن أعداءهم على باطل، ولكن صاحب الحق إذا صرخ وبكى وغضب وزمجر لن يصل إلى ما يريد من إنصاف الناس إياه، من حيث يتقن خصمه المبطل لغة الحوار الهادئ والأغاليط، وفن الحديث فيربح الحلبة ويكسب الرهان، ويدفع المحق الثمن..، وما أتي إلا من أسلوبه العقيم القديم البالي الأهوج، وعقله الأرعن..

الواقع أن الحق شيء، والدفاع عنه شيء آخر.. الوقوف في وجه الخصم فن لا يتقنه إلا جهابذة الحكماء من العلماء الموفقين ذوي البصيرة النافذة, أولئك الذين يعتمدون دائمًا المنهج العلمي الموضوعي الهادئ، وينصفون الناس من أنفسهم، فلسنا اليوم في ساحة وغى نذكي الجنود بحماس الحرب، ولكننا في صراع فكري رهيب ومصيري، سلاحنا فيه العقل الذكي المنظم، ومنطلقنا الحق الذي نحمله وندفع عنه كيد الكائدين، ومعيارنا دائمًا المنهج العلمي المجرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>