للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية الحياة الإنسانية

للدكتور مصطفى صبري أردوغدو

مرمره كلية الإلاهيات – استنبول

إن الجسم في الإنسان له خلايا، والأعضاء تقوم بوظيفتها، فإذا اختلت وظيفة عضو، يؤثر ذلك على أداء الأعضاء الأخرى لوظائفها بدرجات متفاوتة. وإذا توقف عضو ما عن العمل تمامًا، ولكنه قد يتمكن من العودة إلى العمل إن تغيرت ظروف معينة، فمعنى ذلك أن العضو ما زال قابلًا للحياة، أو كان حيًا ولكنه متوقف عن العمل، فبذلك يمكن أن نستنتج من هذا الأمر، أنه إذا مات الإنسان تمامًا وتأكد من هذا الأطباء فهل يمكن أن ينقل من هذا الميت عضو ما أم لا؟ وهل يجوز لنا نقل الأعضاء من إنسان لإنسان؟ وهل يحق للشخص أن يوصي بأعضائه في الحياة بعد الموت؟ وهل تسمح الشريعة بالتصرف في الأعضاء أو في الجسم بأي حال من الأحوال؟

وهناك جانب آخر، هو أن الأطباء يقولون: إن القلب يتوقف عن العمل تمامًا بسبب قطع الأكسجين عنه، أو قطع وصول الدم إليه، وإذا عاد الأكسجين إلى القلب خلال ٢٠ – ٣٠ دقيقة يعود القلب إلى العمل كما كان. وإذا زادت فترة قطع الأكسجين يزداد تدريجيًا، حتى إذا وصلت المدة إلى مدة تتراوح بين ٩٠ – ١٠٠ دقيقة يفقد القلب قابليته للحياة.

والمخ كذلك مشابه للقلب، إلا أن المخ يفقد قابليته إذا انقطع عنه الأكسجين لمدة أربع دقائق؛ وإذا كان المخ قد دخل في نطاق الموت إلى مرحلة اللاعودة بتقرير الأطباء مهما بذل الجهد لإنعاش صناعي بالتنفس وتحريك الدم في الجسم. ففي مثل هذا الأمر، قد يمكن نقل الأعضاء من إنسان لإنسان وقد يدخل في إغاثة الملهوف، فهي واجبة لإنقاذ إنسان مشرف على الهلاك: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} . (١)

ولكن الفقهاء متفقون على أنه لا يجوز في غير حالة الحرب الاعتداء – ولو عند الاضطرار- على حياة الإنسان؛ كذلك نرى أنه لا يجوز استئصال عضو من إنسان يوشك أن يموت، كالعين والقلب، لإعطائه إنسانًا آخر، تحت ستار الضرورة والرحمة المزعومة بالإنسانية، إذ إن أجزاء الإنسان ليست مملوكة له، ولا يمكن القطع بموت المريض حيث إنه لا يعمل الغيب إلا الله سبحانه.


(١) سورة المائدة: ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>