لذلك نرى الكثيرين من أطباء العلم يعلنون أن عملية نقل القلب من رجل إلى رجل لا تتفق مع الأخلاق والقيم، لما فيها من تحقيق منفعة غير مضمونة النتائج غالبًا على حساب مصلحة وحياة إنسان آخر. لكن إذا تأكد الطبيب المسلم الثقة العدل من أن الذي يؤخذ قلبه أو عينه سيموت حتمًا، جاز نقل القلب أو العين وزرعه لآخر مضطر إليه، لأن الحي أفضل من الميت، ورعاية المصالح أمر مطلوب شرعًا، وتحقيق النفع للآخرين مندوب إليه في الإسلام، والضرورات تبيح المحظورات، لأنه يترتب على النقل إنقاذ مريض بالقلب، أو إعادة البصر لإنسان وتوفير الحياة أو البصر نعمة عظمى مطلوبة شرعًا. ويجوز التشريح لأغراض تعليمية، أو لمعرفة سبب الوفاة، وإثبات الجناية على متهم، عملًا بما أباحه المالكية والشافعية والحنفية: من شق بطن الميت لإخراج مال غيره الذي ابتلعه، إذا تعذر تسديده من التركة وكان المال كثيرًا.
أقول:إن الفقهاء قد تكلموا في نهاية الحياة في الإنسان وما يتبعها من أعمال خاصة بتجهيزه وتكفينه وصلاته وغير ذلك.
فقالوا: إذا تيقن الحاضرون من موت الإنسان، وعلامة ذلك انقطاع نفسه، وإحداد بصره، وانفراج شفتيه فلا ينطبقان، وسقوط قدميه فلا ينتصبان. (١) والتأكد من الموت هو خمود الجسد وسكونه سكونًا أبديًا. وحكم الموت في الإنسان بدون تحقق وتأكد يكون حكمًا على المجازفة؛ إذا فكيف يتصرف الأطباء في جسم الإنسان وما زال مشكوكًا في حياته، والقاعدة هي:"ما ثبت باليقين لا يزول بالشك"، وكذلك "الأصل بقاء ما كان حتى يثبت ما يغيره". فكيف يدعي الطبيب اليقين، والجسد لا يزال ينبض، والذي ثبت اليوم قد ينقض غدًا".
(١) مختصر خليل جـ ١/ ٣٣، روضة الطالبين جـ ٩٨، الفتاوى الهندية جـ ١/ ١٥٤، ابن عابدين جـ ١/ ١٨٩.