للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقوق المعنوية

بيع الاسم التجاري والترخيص

إعداد

الدكتور عبد الحليم محمود الجندي

والشيخ عبد العزيز محمد عيسى

بسم الله الرحمن الرحيم

- ١ -

المقدمة:

التجارة في جملة أمرها تداول الأموال أو الأشياء بقصد الربح، حيث يوجد المتعاقدان في مجلس العقد، أو يوجد المبيع في " حانوت " التاجر، أو في " السوق " حيث "تساق" العروض والسلع. والفقه الإسلامي حريص على التزام التجار جادة الدين في التعامل التجاري لما يكتنفه من سرعة التراضي أو فورية الأداء مع خلق التاجر واقتداره على ترويج السلعة أو تزيينها ليقبل عليها المشترون، ومنهم من قد ينخدع أو تخفي عليه العيوب. ويروى عن الإمام محمد بن الحسن قوله: (على كل تاجر يحتاط لدينه أن يستصحب فقيها يشاوره في معاملاته) . وعن الإمام أبي الليث قوله: (لا يحل للرجل أن يشتغل بالبيع والشراء ما لم يحفظ كتاب البيوع) (١) . وكان الإمام أبو حنيفة ينهى العامل في حانوته عن أن يزين السلعة بأقواله.

ولئن كانت الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات عناصر النشاط الاقتصادي في العالم المعاصر، فإن التجارة ترد على جميع هذه العناصر في عصرنا الحاضر، ومواردها في ازدياد، قدر ما يسبغ الله على عباده من نعم ظاهرة وباطنة وأموال مستحدثة مثل " الحقوق المعنوية " أو الفكرية أو الخدمات التي لا يقف تقديرها عند حد وتتجاوز تجاراتها القارات. ومن الشركات التجارية ما تمتد فروعها إلى دول العالم إلا قليلا ... وينطبق على نشاطها قوانين التجارة.

وخلعت القوانين وصف "التاجر" على من يتخذ التجارة "حرفة"، كما اعتبرت " العمل التجاري " كل عمل يتم لمزاولة حرفة تجارية، لتتيح سرعة المبادلات وحرية النشاط التجاري واليسر في أدائه واقتضائه، وتتابعت الاتفاقيات الدولية منذ أواخر القرن التاسع عشر للميلاد لتجعل العالم سوقا تجاريا واحدة تسري عليها أحكامها لحماية الحقوق على مستوى العالم (مثل اتفاقيات بيرن لحماية الملكية الفنية، واتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية والتجارية، واتفاقية وارسو للنقل الجوي) .

وحظى " المتجر " بحظ وافر من عناية واضعي القوانين ورجال الفقه المحلي والعالمي وأحكام القضاء، وتجلى في صدده إقرار الفكر المعاصر بما سبق به الفقه الإسلامي من إقرار الملكية الفنية.

وأصبح المتجر يتكون من " مجموع حقوق معنوية " وإن كان معها عناصر مادية تدخل في " ملكية التاجر". وجرى العرف العالمي على التسليم " بماليتها "، ولم يبلغ الفقه هذا الطور إلا بعد تاريخ طويل شغل الفقه الإسلامي أغلب أطواره.

وقد بينا في مقال سابق للمجلة، الحق المعنوي في الملكية الأدبية لحقوق التأليف ونشأتها وتطورها حتى العصور الحديثة، فنحيل عليه، ونخص الحقوق المعنوية التجارية فيما عدا الحقوق الأدبية كما يلي:


(١) شرح القانون التجاري في القانون المصري والشريعة الإسلامية: د. محمد بك صالح. مطبعة جامعة فؤاد الأول، القاهرة ١٣٦٨هـ – ١٩٤٩م، ص ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>