الحمد لله الذي قضى بالحق وهو العليم الحكيم، أقام سمواته وأرضه بالعدل، وأنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، حكيم في قضائه، عدل في جزائه. والصلاة والسلام على من أنزل عليه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس بما أراه الله. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون. أما بعد:
فإن الحكم بين الناس وفصل القضاء مقامه عظيم وشأنه كبير ومنزلته عالية، ففيه تحصيل المصالح والمنافع للأمة، وفيه قضاء على الفوضى والتظالم، حيث يحسم الحكم التنازع بين الخصوم وفي ذلك رضاء للخالق والخلق. لذلك نجد أن الشريعة الإسلامية اهتمت بأمر الحكم وولاية القضاء وما يتصل بها من آداب وأحكام كما اهتمت بوسائل إثبات الحق وطرقه. وإن من طرق الإثبات الشرعية، أو طرق الحكم التي يعتمد عليها القضاة في النظام الإسلامي ويعول عليها، وسائل الإثبات الشرعية التي يستقرى في التنظيم القضائي في الدولة الإسلامية طرقها لمعرفة الحق، وإبطال الباطل، وإن منها وسيلة (القرائن) .
وهذا البحث الفقهي المتواضع المقدم لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية عشرة يتطرق بالبحث والاستقراء إلى وسيلة القرينة كوسيلة شرعية لإثبات الحق، سميته:(الطرق الحكمية في القرينة كوسيلة إثبات شرعية) ..وقد اقتضت طبيعة البحث أن أقسمه إلى خمسة أمور: