الأسواق المالية والبورصة والتجربة التونسية
إعداد
سعادة الدكتور مصطفى النابلي
مدير بورصة تونس
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
يهدف هذا البحث أولا إلى تقديم إشكالية الأسواق المالية بصفة عامة ودورها في التنمية وكذلك وصفا لآليتها وكيفية عملها.
ونبين في مرحلة ثانية التجربة التونسية في ميدان السوق المالية مع خصائصها والمشاكل التي تعترض تطورها وكذلك آفاقها الجديدة بمناسبة الإصلاحات التي هي في حيز التطبيق.
الأسواق المالية دورها وآلياتها
يستدعي التعريف بالسوق المالية وأساليب عملها التعرض في مرحلة أولى إلى تحديد موضعها أو منزلتها من إشكالية التنمية وفي مرحلة لاحقة إلى بيان مختلف المفاهيم والآليات المتعلقة بها:
١ - إشكالية دور السوق المالية والبورصة في التنمية:
من أهم إشكاليات التنمية الاقتصادية هي طريقة الربط بين الادخار من جهة والاستثمار من جهة أخرى، أي الآليات التي تمكن من التوفيق بين:
- توظيف الادخار من طرف الأفراد أو المؤسسات ذات الفائض المالي سواء منها المالية (كمؤسسات التأمين) أو غير المالية من جهة.
- وتمويل المؤسسات ذات العجز المالي بما في ذلك الدولة لفائدة برامجها الاستثمارية من جهة أخرى.
ويمكن تقويم نجاعة هذا الربط الذي يعبر عنه بالوساطة المالية وآلياته عبر معيارين اثنين:
- الأول: هو مدى نجاعة توظيف الموارد نحو الاستعمال الأفضل (الأحسن) ، أي التمكن من تمويل واختيار أحسن المشاريع للاستثمار بما في ذلك اختيار القطاع ونوعية الإنتاج ... إلخ.
- والثاني: هو التمكن من بعث نسيج اقتصادي ومؤسسات إنتاج متوازنة ماليا وقوية يمكنها أن تجابه التقلبات والصعوبات المالية وغير المالية سواء في السوق الداخلية أو الخارجية.
والهدف الأصلي لكل ذلك هو تطوير الإنتاج القومي وتنشيط التشغيل لليد العاملة وخلق الثروات لفائدة المجموعة. ولئن تشعبت المسائل الخاصة بالأوراق المالية فلا يجب أن ننسى بأن المهمة والدور الأصلي للأوراق المالية يرجع إلى إضفاء أكثر نجاعة وفاعلية لعمليات الاستثمار الاقتصادية التي هي ركيزة التطور الاقتصادي وخلق الثروات الجديدة.
وقنوات الربط بين الادخار والاستثمار في جل البلدان هي ثلاثة:
أولها: التمويل الذاتي، أي أن المدخر يوظف وسائله المالية لفائدة مشاريع يقوم هو نفسه ببعثها على غرار رئيس العائلة الذي يقوم ببناء منزله الخاص أو المؤسسة التي تمول برنامج استثمارها من الأرباح التي تحققها والمدخرات التي تجمعها.