الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه الأخيار الطيبين.
تقديم:
استمرت الزراعة موردا لرزق الناس على وجه البسيطة، ومصدرا لا غنى عنه لعيشهم.
وتطلبت مختلف الزراعات جهودا مضنية من الإنسان، تطلعا إلى التطور، سعيا وراء المزيد من الإنتاج، لإطعام الأفواه المتزايدة بسبب التكاثر البشري، وبسبب عدم الاكتفاء بالكفاف، وباللقمة التي تسد الرمق وتقيم الأود.
وإذا أصبح في عصرنا هذا الاكتفاء الزراعي، أو ما يعبر عنه بـ الأمن الغذائي، عاملا من عوامل القوة والتقدم لدى الأمم، فذلك لأنه بات من المسلم أنه لا رقي ولا نهضة للإنسان، إذا أصبح جائعا لا يجد الطعام.
ولا يمكن أن نتصور تطورا- بكل العصور، وبشتى مجالات السعي البشري- دون أن يسبق ذلك خروج من التخلف الزراعي من حيث الكم والكيف على السواء.
لذا تطورت الزراعة- وحق لها أن تتطور- في طليعة القافلة، وليس غريبا بالمرة أن تحدث محدثات مستجدة، تتطلب من المسلمين تكييفا لها، لتماشي أحكام شريعتهم، باعتبارها شريعة جلب المصالح ودرء المفاسد، وباعتبارها الشريعة العادلة، والحافظة على الأمة قيمها وموازين القسط، التي بها كانت خير أمة أخرجت للناس.
ثم أليس في إبانة ما طرحته للبحث أمانة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، من هذه القضايا المستجدة في فقه الزكاة؟ والتي لا نشك أن القرارات والتوصيات فيها، ستنزل راحة واطمئنانا على قلوب المزارعين المؤمنين، والله المستعان على ما تصفون.