للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

***

المحور الأول

حسم نفقات الزراعة من المحصول قبل إخراج الزكاة

ما كان موضوع نفقات الزراعة ليثار في هذا العصر لولا التطور الكبير الذي حصل في ميدان الزراعة، وذلك خاصة في مجالين هامين:

- مجال التقنيات والطرائق العلمية التي دخلت الزراعة.

- مجال النفقات الواسعة التي حتمتها أعمال الزراعة العصرية (والمقصود الزراعة القائمة على العلم والتقنيات الحديثة) .

قبل التطور الزراعي الحديث، كان حط نصف العشر من المقدار الواجب يغطي جل النفقات والمؤن الزائدة في الزراعات السقوية، إن لم يغط كاملها ضرورة أن المساهمة بنصف العشر من أحد الشريكين، يقابلها المساهمة بنفس النسبة من الشريك الآخر، فيتجمع من المساهمتين- كل بحسب ماله من أسهم- نصف المحصول بكامله لتغطية النفقات، ولا يخفى ما في تكييف الشريعة لوعاء النفقات وجعله نسبة متطورة بتطور الإنتاج ومرتبطة بالمحصول، من حكمة بالغة، تكرر التنويه بها من طرف أعلام الفقهاء أمثال الإمام شهاب الدين القرافي إذ يقول في تعقيبه على حديث الصحاح:

عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) (١) .يقول: (ومعناه: أنه متى كثرت المؤنة قلت الزكاة رفقا بالعباد، ومتى قلت كثرت الزكاة؛ ليزداد الشكر لزيادة النعم) (٢) .والمراد بالمؤنة المشقة، قال في المصباح المنير: (والمؤنة وتجمع على مؤن: المشقة والثقل) .


(١) (البخاري: زكاة، باب العشر، عن ابن عمر، ومثله لمسلم، وأبي داود، وابن ماجه؛ نصب الراية: ٢/ ٣٨٤- ٣٨٥، ط. مؤسسة الريان-جدة)
(٢) (الذخيرة: ٣/ ٨٢، ط. دار الغرب الإسلامي- بيروت)

<<  <  ج: ص:  >  >>