الحمد لله والصلاة والسلام على خير الخلق سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه.
توطئة:
ظهر بيع الوفاء بصورته المعهودة إثر الكساد والديون التي تراكمت على التجار في بخارى وفي بعض البلاد الأخرى، فأظهروا التعاقدية تحت ضغط الحاجة وفي العصر الحديث مر بثلاثة أدوار تشريعية:
الدور الأول: كان القانون المدني المصري القديم قبل سنة ١٩٢٣ تنقسم بعض أحكامه فقسمته باعتبار القرض المقصود منه إلى نوعين:
الأول - ما يكون الغرض منه الرهن الحيازي.
الثاني - ما يكون الغرض منه البيع الوفائي.
وتجري في كل نوع أحكامه.
الدور الثاني: عندما استغله المتعاملون بالربا أسوأ استغلال وأخذوا يتقاضون عن طريقه فوائد فاحشة أدخل المشرع بعض التعديل عليه يقضي بأنه متى اتضح أن بيع الوفاء يخفي رهنًا حيازيًّا عقاريًّا فإنه يكون باطلًا ولا ينتج أي أثر سواء باعتباره بيعًا أو باعتباره رهنًا غاية الأمر أنه يصلح سندًا بدين عادي.
أما الدور الثالث: فهو عهد التقنين المدني الجديد الذي نص على منع بيع الوفاء وتحريم التعامل به فقد نصت المادة ٤٦٥ على أنه إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع وقالت لجنة القانون المدني في تعليل ذلك (إن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة جدية في التعامل إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان قيد أستار الرهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس ... إلخ) . وهذا القول فيه إجحاف بالمشتري الذي ترك ماله في ذمة البائع دون توثيق. ولكن اعتباره رهنًا يحقق مصلحة البائع في الاحتفاظ بملكه للمبيع ومنافعه ويحقق مصلحة المشتري يحفظ ما دفعه ثمنًا للبائع باستيفائه عند الأجل من المبيع.
ولهذا أحسنت المجلة صنعًا عندما أخذت بالقول الذي يجعل بيع الوفاء صحيحًا في بعض الأحكام فاسدًا في بعضها الآخر ورهنًا في حق البعض من الأحكام على نحو ما ذكره الأتاسي عند كلامه على المادة ٣٩٨ من المجلة، التي نصت على أنه إذا شرط في بيع الوفاء أن يكون قدر من منافع المبيع للمشتري صح ذلك) .
ويترتب على هذا القول أنه يملك كل من البائع والمشتري الحق في فسخ البيع باعتبار العقد فاسدًا وحل الريع ومنافع المبيع باعتباره بيعًا صحيحًا وحفظ المبيع لصاحبه فلا يتسطيع المشتري بيعه من آخر ولا رهنه باعتباره رهنًا (١) .
هذا وسنتناول الكلام على هذا العقد حسب الخطة الواردة إليه وبالله التوفيق وهو حسبي عليه توكلت وإليه أنيب.