للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذبذب قيمة النقود الورقية

وأثره على الحقوق والالتزامات

على ضوء قواعد الفقه الإسلامي

إعداد

الدكتور على محيى الدين القره داغى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومن والاه

وبعد:

تصاحب العملات الورقية منذ ظهورها اضطرابات عديدة، وتهزها التقلبات الكثيرة والتذبذب من قيمتها الشرائية ولقد نالت قسطا كبيرا من التدهور والانهيار في بعض الأحايين، بل تكاد تفقد بعضها معياريتها للسلع، ومخزونيتها للقيم مما ترتبت على ذلك آثار خطيرة على مستوى الحقوق والالتزامات، وهضم كبير لحقوق الناس، ولا سيما لأولئك الذين أعطوا مبالغ معينة لفترة زمنية طويلة، فيعاد إليه المبلغ فكأنه قد اقتطع منه نصفه، أو ثلثاه نتيجة للتضخم الذي تعانى منه معظم الدول، فلو تصورنا أن أحدا اقرض آخر مبلغ مائة ألف ليرة لبنانية في سنة ١٩٧٠، والمدين الآن يريد أن يوفي بدينه، ترى كم يرجع؟ هل يرجع المبلغ المذكور بالليرة اللبنانية؟ فلو قلنا نعم لوقع على الدائن ظلم كبير حيث كان المبلغ الذي دفعه في وقته يساوى حوالي خمسين ألف دولار والآن يساوى حوالي ثلاثمائة دولار، فكان المبلغ في وقته يشتري به بيتا ومطبعة والآن لا يكفي لتكاليف دعوة بضعة أشخاص وعلى عكس ذلك لو أخذ شخص الآن مائة ألف ليرة لبنانية التي تساوى حوالي ثلاثمائة دولار ثم بعد عشر سنوات يريد أن يرجعها وقد صعدت قيمة الليرة صعودا كبيرا ترى كم يرجع؟ والمسألة لا تخص الليرة اللبنانية، بل هي عامة في أكثر النقود مثل الليرة التركية، والسورية، بل حتى الجنية المصري والدينار العراقي، والجنيه السوداني وغيرها..

فالمسالة لم تعد تطاق لما يترتب عليها من نتائج خطيرة، ولذلك قمت بإثارتها على مستوى كلية الشريعة بجامعة قطر في ندوة علمية في ١٥/١٠/١٩٨٧ وأثنى أغلب الحاضرين بمن فيهم فضيلة الأستاذ الدكتور / يوسف القرضاوي، والأستاذ الدكتور جمال الدين عطية - على النتائج التي توصلت إليها (١) والتي نلخصها هنا حتى نعرضها على المهتمين بالفقه والاقتصاد الإسلامي لإثرائها بالمناقشة والنقد والتحليل.


(١) ينشر البحث بالكامل في مجلة المسلم المعاصر في العدد القادم بإذن الله تعالى العدد (٥٠) وما بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>