للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنتكلم في الخلاصة عن تعريف النقود بإيجاز، وعن نبذة تاريخية لها ثم عن بعض أحكام النقود المعدنية من الذهب والفضة وعن الفلوس ثم إن هذا الموضوع في الواقع يرتبط بقاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي ولذلك نرى من الضروري أن نتحرى هذا الجانب ونوضح المعايير التي تتحكم فيها لنرى هل تدخل نقودنا الورقية في المثليات، وهي هي مثل الذهب والفضة في جميع الأحكام؟

وقبل أن ندخل في الموضوع أحب أن أشير إلى عدة مبادئ أساسية يجب على كل باحث مراعاتها وهي:

١- أن ما ورد فيه النص من الكتاب والسنة الخالي من المعارض لا يجوز الاجتهاد بخلافه وإن كان ذلك لا يمنع من جواز الاجتهاد فيه.

من هنا فالنقود الورقية حديثة العهد لا مطمع في وجود نص فيها، ولا قول للفقهاء السابقين ومن هنا تخضع للقواعد العامة التي تتحكم فيها العدالة وما يحقق المصلحة لجميع الأطراف.

٢- رعاية المقاصد والمبادئ الأساسية والقواعد العامة الكلية للشريعة مقدمة على رعاية الجزئيات والفروع ولا سيما إذا كانت اجتهادية، ومن هذه المبادئ التي تتحكم في موضوعنا مبدأ العدل وعدم الظلم الذي جاء لأجله الإسلام: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (والأصل في العقود جميعها هو العدل فإنه بعثت به الرسل وأنزلت الكتب والشارع نهى عن الربا لما فيه من الظلم وعن الميسر لما فيه من الظلم) (١) فإذا كان القرآن الكريم قد قرر بخصوص المرابين {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} فكيف يرضى أن يظلم الدائن ويقتطع حقه في وقت يدعو فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الإحسان إليه ويقرر ((إن خياركم أحسنكم قضاء)) (٢) .

ومن هذه المبادئ قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ومبدأ رعاية المصلحة ودرء المفسدة ورعاية أن الاجتهادات الدينية على المصلحة تتغير بتغير مبناها كما أوضح ذلك ابن القيم في كتابه القيم (أعلام الموقعين) .


(١) مجموع الفتاوى ١/٥١٠
(٢) حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه مع الفتح ٥/٦٥-٩٥ ومسلم في صحيحه ٣/٣١٤وغيره ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>