للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحث

أحكام الذبائح واللحوم المستوردة

إعداد

القاضي محمد تقي العثماني

قاضي محكمة النقض العليا بباكستان

مقدمة البحث

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى أحل للمسلمين أن يأكلوا من لحوم الحيوانات الطيبة، وينتفعوا بأجزائها الأخرى، ولكن جعل هذا الحل خاضعا لأحكام شرعها في الكتاب والسنة، وإن هذه الأحكام ترجع إلى التنويه بأن الحيوان في أصله مثل الإنسان من حيث يوجد فيه الروح والإدراك، والحواس التي تبعث فيه الراحة والألم. ومن هذه الجهة، كان الأصل أن لا يباح للإنسان ذبحه وأكل لحمه، والانتفاع بأجزائه, ولكن الله سبحانه جعل الإنسان أشرف المخلوقات ومخدوما للكون، وخلق لصالحه جميع ما خلق، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٩] .

وبما أن أكل الحيوانات إنما أبيح على خلاف الأصل بمحض فضل من الله سبحانه وتعالى، فقد جعله الله تعالى خاضعا لبعض الأحكام التعبدية، ينبئ الامتثال بها عن اعتراف العبد بأن حل الحيوان له نعمة من الله سبحانه وتعالى وفضل منه، وأنه لا يستحق الاستمتاع بمثله من الحيوان، والالتذاذ بأكله إلا بعد الاعتراف بهذه النعمة والشكر عليها، والالتزام بالطرق التي شرعها الله سبحانه لإزهاق روح الحيوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>