تغيير قيمة العملة
إعداد
الشيخ محمد على التسخيري
بسم الله الرحمن الرحيم
توجد في هذا المجال بحوث متعددة – تذكر كمقدمة لهذه المسألة:
منها: بحث حول تاريخ التبادل والدور الأصيل والطارئ للنقد.
ومنها: تاريخ النقد وكيف تبدل إلى الأوراق النقدية.
ومنها: التضخم النقدي وأسبابه وسبل تلافيه.
وغير ذلك إلا أننا سوف نركز على خصوص ما ينفعنا مباشرة لمعرفة الحكم الشرعي في البين وهنا نقول:
إن للمسألة فروضا ربما يتغير البحث بتغيرها.
فتارة نفترض تغير القيمة بمستوى ضئيل وأخرى بمستوى فاحش وثالثة نفترض سقوطها تماما عن المالية.
ومن جهة أخرى تارة يكون البحث عن موضوع القرض والوفاء به عند حدوث أنماط التغير المذكورة – ملاحظين عنصر التبرع الملحوظ فيه – وأخرى نبحث عن موضوع الوفاء بالثمن المؤجل أو المهر المؤجل وأمثالها.
ثم إن البحث تارة يكون بنحو العناوين الأولية للأحكام وأخرى على سبيل العناوين الاستثنائية (الشاملة للعناوين الثانوية كالاضطرار والضرر والعناوين الولائية الحكومية القائمة على أساس المصلحة العامة التي يراها ولي الأمر) فإن هناك نوعا من الاختلاف بين الفرضين.
وهناك بحث آخر مهم في البين وهو موضوع ضمان أولئك العاملين على تغير قيمة النقد من حكومة أو مؤسسة مالية أو غيرها.
وربما حاول بعض الباحثين وضع فارق بين الحالات الفردية الجزئية والحالات الاجتماعية المهمة كمعاملة بين الدول تتناول قسطا اقتصاديا ضخما.
وعلى هذا فيجب البحث عن هذه الفروض جميعا بما يتسنى والله الموفق للصواب.
أما موضوع التغيير الضئيل في القيمة النقدية فهو أمر لا يأبه به العرف ولا يرى له أي تأثير في البين، وبالتالي فلا مجال للحديث عنه هنا فيجب رد المثل فيه.
وأما عندما يكون التغير كبيرا أو فاحشا فإن الرأي السائد أن ذمة المدين مشغولة بمثل النقد (بلا فرق بين القرض، والثمن المؤجل، والمهر المؤجل) وما عليه إلا إرجاع المثل وهذا ما تؤكده النصوص وربما لا نجد رواية تدعو لرد القيمة ...
ورد القيمة لا يتصور إلا في حالة ما إذا كانت الأوراق النقدية مجرد سندات على تملك قيمتها من الذهب والفضة وهو أمر قد فرغنا من بطلانه وأكدنا من قبل على أن هذه الأوراق وإن لم تكن تملك من قبل وبنفسها مالية تذكر وأنها اكتسبت اعتبارها المالي من المؤسسة أو الدولة التي أسندتها بمختلف أساليب الإسناد إلا أن المالية تنقل إليها عرفا حتى لتكاد تصبح في ذهن العرف ذات مالية قائمة بذاتها وعلى هذا الأساس لا يضمن البنك مالية الأوراق النقدية إذا تلفت فتلفها بالضبط يعني تلف ماليتها.
وعلى هذا فالثابت في الذمة هو مثل هذه الأوراق المقترضة أو المجعولة ثمنا مؤجلا في عقد البيع، ولا يجب على المكلف إلا هذا المثل وهذا ما أكدته الآية الكريمة: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} والروايات الكثيرة، وإن لم تكن صريحة بذلك.