لماذا لا نعتد بالرخص والغلاء في الذهب والفضة، والحنطة والشعير ونحوهما في الوقت الذي نعتد بهما في النقود الورقية؟
الجواب عن ذلك: أن القضية تتعلق بالمثلي والقيمي، حيث لا ينظر في المثلي إلى القيمة، وأما القيمي فيلاحظ فيه القيمة – كما سبق –.
ونحن قلنا: إن النقود الورقية لا يمكن اعتبارها مثل الذهب والفضة في جميع الأحكام، ولا إلغاء نقديتها، وإنما الحل الوسط هو ما ذكرناه.
ومن هنا فهي إما قيمية أو مثلية ولكنها عند وجود الفرق الشاسع يلاحظ فيها القيمة كالماء الذي أخذه الإنسان في الصحراء فلا يرجع له الماء، وإنما تجب عليه قيمته في ذلك المكان.
وفي الختام هذا ما اطمأنت إليه نفسي، وأدى إليه اجتهادي المتواضع فإن كنت قد أصبت فمن الله، وإلا فعذري أنني بذلت ما في وسعي، ولم أرد به إلا وجه الله تعالى.
ومع ذلك فما أقوله عرض لوجهة نظري، أرجة أن تنال من الباحثين الكرام النقد والتحليل للوصول إلى حل جذري أمام هذه المشكلة، وأن يتفضلوا بملاحظاتهم السديدة.
وكلمة أخيرة أكررها أنه ليس هناك من محيص للخروج من هذه الأزمات الحادة إلا بالرجوع إلى النقدين الذاتيين، أو على الأقل ربط نقودنا الورقية بالغطاء الذهبي، وهذا ما يدعو إليه كثير من الاقتصاديين، بل بعض المؤتمرات – كما سبق –، فلا شك أن ربك النقد الورقي بالذهب إنما هو إعادة إلى أصله الذي تأصل عليه فإلى أن نعود إلى هذا النظام فلابد أن يلاحظ القيمة في نقودنا عندما تقتضيه الحاجة حتى نحقق العدالة " دون وكس ولا شطط ".
والله الموفق وهو من وراء القصد، والهادي إلى سواء السبيل.