للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقصات

(عقد الاحتياط ودفع التهمة)

إعداد

الشيخ حسن الجواهري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الميامين.

المناقصات (عقد الاحتياط ودفع التهمة)

١- تعريف المناقصة: عرفت المناقصة بأنها: "طريقة بمقتضاها تلتزم الإدارة (أو الشخص) باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معها شروطاً، سواء من الناحية المالية أو من ناحية الخدمة المطلوب أداؤها". (١)

ونرى أن هذا التعريف شامل للمزايدة أيضاً، باعتبار أن المناقصة والمزايدة معاً من عقود المنافسة النزيهة والتي تساوي بين المتنافسين، وعلى هذا سوف يكون شراء الحاجات وتنفيذ الأعمال من خصوصيات عقد المناقصة، كما أن بيع الحاجات والمباني الحكومية أو التابعة للأشخاص من خصوصيات عقد المزايدة.

وهذا التعريف وإن لم يكن تعريفاً حقيقيًّا للمناقصات، بل هو شرح الاسم، إلا أنه قد تعرض لالتزام أحد الأطراف بالتعاقد، ولم يتعرض لالتزام المتعاقد الآخر، ولكن من مجمل عملية المناقصة الحديثة نفهم أن المناقص ملزم بما تقدم به من عرض لبيع سلعته أو تقديم خدماته لحين رسو عملية المناقصة، ولذا من الأفضل إضافة هذه الجملة إلى التعريف السابق، وهي: "ويلتزم الطرف الآخر بما عرضه لحين رسو العملية". ولذا يمكننا أن نعرف المناقصات بأنها "طريقة بمقتضاها تلتزم الأطراف باختيار أفضل من يتقدم للتعاقد شروطاً".

وقد يقال: إن التزام الداعي إلى المناقصة هو التزام ابتدائي "ليس في ضمن عقد" فيكون وعداً لا يجب الوفاء به وهو معنى عدم كونه ملزماً.

ونجيب على ذلك: بأن الالتزام إذا كان قد وصل إلى حد التعهد إلى الغير بحيث رتب الغير عليه الآثار، فصار عهداً "عقداً" مستقلاً يجب الوفاء به خصوصاً إذا قابله التزام من الطرف الآخر. (٢)

وهذا بالإضافة إلى ما سيأتي من إمكان أن يكون إلزام الداعي إلى المناقصة باختيار أحسن العروض وإلزام المتناقصين بالبقاء على التزاماتهم لحين رسو المناقصة، قد شرط في ضمن عقد بيع المعلومات التي تشترط للدخول في المناقصة، فيحصل الالتزام في ضمن عقد فيكون ملزماً بالاتفاق.

وقد يستشكل في صحة التزام الداعي إلى المناقصة باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معه، سواء قلنا: إن هذا الالتزام قد وصل إلى مرحلة التعهد والعقد أو كان شرطاً في ضمن عقد بيع المعلومات، قد يستشكل بإشكال آخر، وخلاصته تكمن في غررية هذا الالتزام؛ لأن الداعي إلى المناقصة قد التزم باختيار أفضل من يتقدم للتعاقد معه، مع أنه لا يعلم المقدار الذي يقع عليه التعاقد في الخارج الآن، فهو التزام غرري.


(١) مصطلحات قانونية/ اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية/ مطبوعات المجمع العلمي العراقي ١٣٩٤/١٩٧٤/ص١٧٨.
(٢) هذا الرأي يخالف ما ذهب إليه علماء الإمامية من أن التعهد الابتدائي لا يجب الوفاء به ولكن رأينا أن الأدلة الروائية والقرآنية الدالة على وجوب الوفاء بالعهد حتى الابتدائي كافية، لذا ارتأينا هذا الرأي خلافاً للمعظم من علماء الإمامية

<<  <  ج: ص:  >  >>