للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب على ذلك:

١- إن الغرر الذي منعه الشارع ليس هو الجهالة، بل الغرر عبارة عن عدم معرفة حصول الشيء من عدمه، كالطير في الهواء والسمك في الماء، وهذا يختلف عن المجهول الذي معناه "ما علم حصوله مع جهالة صفته".

٢- ولو قلنا كما قال الفقهاء بأن الغرر يشمل الجهالة أيضاً، فإن الغرر المنهي عنه هو الغرر الذي يؤدي إلى منازعة بين المتبايعين، أما ما كان لا يؤدي إلى المنازعة فهو لا بأس به، وقد ذكرت الروايات الأمثلة الكثيرة الدالة على عدم الضرر في وجود غرر (جهالة) لاتؤدي إلى المنازعة كما في بيع شيء من الحليب في الإسكرجة مع ما في الضرع، وبيع السمك في الأجمة مع القصب الظاهر وأمثال ذلك من البيوع التي فيها جهالة واضحة إلا أنها لا تؤدي إلى منازعة بين المتخاصمين.

٣- ولو تنزلنا وقلنا: إن الغرر يشمل كل جهالة، فهو إنما يضر إذا كانت الجهالة في العقد، أما هنا فإن الجهالة في الشرط وليست في العقد.

ولا حاجة إلى التنبيه إلى أن هذه العقود لا يجوز فيها التغرير والخداع من المتناقصين أو المتزايدين أو واحد منه أو أطراف خارجية، وذلك لأجل تحقق المنافسة النزيهة التي هي أساس المناقصة الحرة. كما هي عقود يطلب فيها المشتري أو البائع الاحتياط لنفسه ودفع التهمة عنه فيما إذا كان وكيلاً أو وليًّا.

العلاقة بين المزايدة والمناقصة:

وبهذا يتضح أن العلاقة بين المزايدة والمناقصة هي علاقة تضاد من الناحية اللغوية والموضوعية، فالزيادة ضد النقص، ولهذا وردت التفرقة بينهما في العقود.

فالمناقصة: تستهدف اختيار من يتقدم بأقل عطاء، ويكون ذلك عادة إذا أرادت القيام بأعمال معينة كالأشغال العامة مثل بناء العمارات أو إقامة الجسور أوتبليط الطرقات وما شابه ذلك.

أما المزايدة: فترمي إلى التعاقد مع الشخص الذي يقدم أعلى عطاء، وذلك إذا أرادت الإدارة أن تبيع أو تؤجر شيئاً من أملاكها مثلاً. (١)

وعلى هذا نتمكن أن نقول: إن العلاقة بين المزايدة والمناقصة هي علاقة تضاد في اللفظ والموضوع كما هو واضح من اختلاف طبيعة كل منهما، ولكن يشتركان في الإجراءات والتنظيمات في الجملة كما هو واضح من اشتراكهما في التعريف (اختيار أفضل من يتقدم للتعاقد) ، فالإجراءات المتبعة في عقد المناقصة هي بنفسها متبعة في عقد المزايدة، فمثلا بعد الإعلان عن المزايدة أو المناقصة في وسائل الإعلام وتتم الإجراءات الكتابية والمناداة العلنية تأتي هذه المراحل الثلاثة:

١- التقدم بالعطاءات من قبل الأفراد والمؤسسات.

٢- فحص العطاءات وإرساء المزايدة أو المناقصة.

٣- إبرام العقد.


(١) الأسس العامة للعقود الإدارية (دراسة مقارنة) / السيد محمد الطحاوي/ الطبعة الرابعة مصر ١٩٨٤/ ص ٢١٣ مصطلحات قانونية/ ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>