للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوحدة الإسلامية

أدب الحوار وأخلاقيات البحث

إعداد

الدكتور سعيد بن عبد الله بن محمد العبري

الأستاذ بكلية التربية والعلوم الإسلامية

جامعة السلطان قابوس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد؛

فإن الاختلاف سنة الحياة: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: ١١٨] ، والإسلام هو الدين الوحيد الذي استطاع أن يؤلف بين المسلمين، ويوحد صفوفهم، وينتشلهم من ضعفهم: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ٦٣] ، ويجعلهم خير أمة أخرجت للناس، يؤمنون بالله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فأصبحوا رعاة أمم بعد أن كانوا رعاة غنم.

وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن التنازع؛ لأنه يؤدي إلى التشتت والضياع والفشل: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٤٦] ، كما نهانا عن الفرقة والاختلاف اللذين كانا دأب غيرنا من أتباع الشرائع السابقة: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥] .

وأمرنا بالاعتصام بحبله المتين وبعروته الوثقى التي لا تلين، فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: ١٠٣] ، واعتبر الله سبحانه وتعالى الاختلاف الذي يسبب الافتراق والتمزق ابتعادًا عن هدي النبوة حين قال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: ١٥٩] ، وأخبرنا بأن أمة الإسلام أمة واحدة فقال: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٩٢] ، وقال: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: ٥٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>