الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد؛
فإن الاختلاف سنة الحياة:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}[هود: ١١٨] ، والإسلام هو الدين الوحيد الذي استطاع أن يؤلف بين المسلمين، ويوحد صفوفهم، وينتشلهم من ضعفهم:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: ٦٣] ، ويجعلهم خير أمة أخرجت للناس، يؤمنون بالله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فأصبحوا رعاة أمم بعد أن كانوا رعاة غنم.
وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن التنازع؛ لأنه يؤدي إلى التشتت والضياع والفشل:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: ٤٦] ، كما نهانا عن الفرقة والاختلاف اللذين كانا دأب غيرنا من أتباع الشرائع السابقة:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران: ١٠٥] .