للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغير قيمة العملة والأحكام

المتعلقة فيها في فقه الشريعة الإسلامية

إعداد

الشيخ محمد عبده عمر

عضو مجمع الفقه الإسلامي

نائب المدير العام للشئون الدينية

بسم الله الرحمن الرحيم

فبل الدخول في لب الموضوع، يجدر بنا أن نشير على بعض أبعاد الموضوع المطروح للبحث والدارسة، وبالتالي بناء الأحكام الشرعية عليه من قبل مجمعنا الموقر، لربما كانت تلك الأبعاد أو بعضها يلتبس أمرها، خاصة وأن المتتبع لمسائل الخلاف النظري في المذاهب الفقهية يجد الكثير من المسائل الفقهية، بل ومن أحكام القضايا والنوازل المستجدة يظهر الخلاف فيها بعد استنباط الحكم الشرعي لها بين الفقهاء.

ويكون مرجع خلافهم في الغالب الأعم ليس لخفيِّ مسالك الاجتهاد وطرقه وضوابطه الموصلة على استنباط الحكم الشرعي عند المجتهد، ولا إلى النص الشرعي، سواء أكان قطعي أم ظني الثبوت والدلالة ولا إلى قواعد القياس الأصولي أو الفقهي ... إلخ. بل إن مرجع ذلك الخلاف غالبًا ما يكون نتيجة لعدم رؤية أبعاد النازلة أو الحادثة الفرضية أو المستجدة، وعدم استيعاب علاقة تلك النازلة أو القضية بالنصوص الشرعية على اختلاف مراتبها فضلًا عن علل النصوص التي ربط الشارع بها الأحكام الشرعية وجودًا أو عدمًا.

إن عدم وضوح التصور الصحيح لهذه القضية أو تلك في ذهن المجتهد يعكس نفسه في ذهن المجتهد على حكم تلك النازلة أو القضية الذي سوغ الاجتهاد من أجلها فضلًا عن المؤثرات الذهنية والنفسية الأخرى، والتي لا تعود إلى ذاتية النصوص الشرعية ولا إلى الأصول التابعة لها ولا إلى مسالك الاجتهاد وطرقه المتفق عليها بين جمهرة علماء الإسلام لمن اضطر الخلافات على روح الشريعة الإسلامية، إذ ليس لتلك الخلافات من مرجع سوى المؤثرات الذهنية المسبقة وقصور الرؤية العقلية الاجتهادية عن استيعاب أسباب النازلة ومسبباتها ونتائج أبعادها بالحكم الشرعي الاجتهادي صحة وفسادًا. ومن هنا وضع بعض فقهائنا قاعدتهم المشهورة " الحكم على الشيء فرع عن تصوره " ومعلوم بأن معنى التصور الذي تعنيه القاعدة الفقهية الآنفة الذكر ليس مجرد التصور الذهني لهذه القضية أو تلك، بل إنها تعني التصور العلمي الذي يضبط الذهن والفكر عن أي خطأ في النظر الموضوعية للقضية أو النازلة المطروحة أمام حكم الله وشريعته الخالدة التي لها في كل فعل من أفعال العباد حكم من حل وحرمة وصحة وفساد وإباحة وكراهية إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>