للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتزاع الملكية للمنفعة العامة

إعداد

أ. د. يوسف محمود قاسم

أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية

كلية الحقوق - جامعة القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، مالك الملك، بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي، الذي بلغ شريعة ربه وبينها لأمته بيانًا شافيًا , وعلى آله وأصحابه الذين حملوا هذه الشريعة للدنيا كلها، فكانت النور المبين الذي شمل العباد والبلاد على مدى القرون والأجيال.

فإن موضوع انتزاع الملكية للمنفعة العامة هو في غاية الأهمية , وهو أيضا في غاية الخطورة.

أهمية الموضوع:

تبدو أهمية هذا الموضوع في التوفيق بين حقوق الله تعالى، وحقوق العباد، ومراعاة التوازن بين هذين النوعين من الحقوق.

وهذا التوفيق مهمة صعبة للغاية، لكن في الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يذلل كل صعوبة ويرفع كل عقبة، ففيهما الجواب الكافي والدواء الشافي لكل ما يعن للبشرية من معضلات.

وفيما يتعلق بالملكية العامة التي لها أهميتها، والملكية الخاصة التي يجب احترامها إلى أبعد الحدود، يقول الله جل شأنه: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٥) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (١) . ولقد ظهر لي فهم في هذا النص الكريم , أرجو أن يكون صوابًا , فقوله عز وجل: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} نهي صريح عن تضييع الأموال ووجوب حفظها وتدبيرها والقيام عليها قيامًا حسنًا حيث جعلها الله قوام المجتمع , فهي السبب في إصلاح المعاش وانتظام الأمور (٢) ولذلك وصفها الله تعالى بقوله: {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} . أي: التي تقوم بمعاشكم، وصلاح أولادكم (٣) فقوام المجتمع ثروته , وقوة الأمة بقوة اقتصادها.


(١) سورة النساء. الآيتان: ٥، ٦.
(٢) فضيلة المرحوم الشيخ محمد السايس: تفسير آيات الأحكام ج ٢، ص ٢٩ طبعة صبيح.
(٣) تفسير الجلالين مع المصحف الشريف، ص ١٠٣ (دار مروان: بيروت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>