قبل التعرض لحكم الأسهم، نعطي فكرة موجزة عنه؛ لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره.
يراد بالأسهم الحقوق الملكية الجزئية لرأس مال شركة من الشركات المساهمة، فكل سهم يعتبر جزءا من أجزاء متساوية لرأس المال.
والأسهم في الشركات من المعاملات المالية المعاصرة؛ لذلك لا نكاد نجد لها ذكرا في كتب الفقه القديمة، وحتى في كتب المعاصرين لم يعط هذا المبحث العناية اللائقة به؛ إذ قليل من كتب فيه، لذلك نجد في العالم الإسلامي كثيرا من الناس لا يعرفون الأحكام المتعلقة بالأسهم، وخاصة فيما يتعلق بالزكاة.
والعلماء الذين بحثوا في هذا الموضوع ذهبوا إلى مذهبين:
المذهب الأول: أن ينظر إلى نوع الشركة التي أصدرت الأسهم: هل هي شركة صناعية محضة، أم هي تجارية محضة، أم هي مزدوجة؟
فإن كانت صناعية محضة، بحيث لا تمارس عملا تجاريا؛ كشركات الصباغة والتبريد مثلا، فلا تجب الزكاة في أسهمها؛ لأن قيمة هذه الأسهم قد صرفت في الآلات والإدارات والمباني، فما يحصل منها من ربح فإنه يضم إلى أموال المساهمين ويزكى معها زكاة المال، بشرط بقائه إلى الحول وبلوغه النصاب.
وإن كانت ـ أي الشركة المساهمة ـ تجارية محضة، تشتري البضائع وتبيعها، أو كانت مزدوجة صناعية تجارية معا، كشركات البترول مثلا، فإن الزكاة تجب في أسهمها بعد خصم قيمة المباني والآلات والأدوات المملوكة لهذه الشركة، وهذا المذهب قد ذهب إليه الشيخ عبد الرحمن عيسى في كتابه " المعاملات الحديثة وأحكامها "، بناء على الرأي المشهور في عدم وجوب الزكاة في المصانع والعمائر الاستغلالية ورؤوس الأموال المغلة على وجه العموم؛ كالفنادق والسيارات والطائرات ونحوها، وإنما تجب الزكاة في غلتها إذا بقي منها شيء وحال عليه الحول.
وقد ناقش الدكتور يوسف القرضاوي في كتابة "فقه الزكاة" هذا المذهب، واعترض عليه بشدة؛ لكونه يقوم على تفريق بين متماثلين، وهو غير معهود في شريعتنا الغراء؛ إذ لا وجه لأخذ الزكاة عن الأسهم إذا كانت في شركة تجارية وإسقاطها عنها إذا كانت في شركة صناعية؛ لأن الأسهم هنا وهناك هي رأس مال نام، يدر ربحا سنويا متجددا.