الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه ومن اقتدى به إلى يوم الدين.
أما بعد:
١- فهذه جملة من الملاحظات والأفكار حول طبيعة بيع المرابحة للآمر بالشراء أقدمها على أساس نظرة شمولية لهذه المعاملة، تهدف إلى شدها إلى محاورها الرئيسية وقواعدها الأساسية، ضمن المفاهيم العامة للاقتصاد الإسلامي، وفي إطار المنهج الذي اعتمدته الشريعة الإسلامية لاستثمار الأموال واكتساب الملكيات وتحقيق الأرباح ... وذلك في نقاط محددة، ودون دخول في التفصيلات والفروع ... وبخاصة أن هذا الموضع قد كتب فيه الكثير من البحوث والمؤلفات، وجرت مناقشته في الكثير من الندوات والمؤتمرات ... وما زال الخلاف فيه قائما ومحتدما.
٢- وقد كان لي حظ المشاركة في مناقشة هذا الموضوع أول مرة – بصفتي أحد أعضاء لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية – عندما عرض عليها مشروع قانون البنك الإسلامي الأردني سنة (١٣٩٧هـ – ١٩٧٧ م) حيث أوضح الأخ الدكتور سامي حمود -حفظه الله- مقرر اللجنة التحضيرية لمشروع القانون وجهة نظره التي ضمنها المشروع، والتي كان قد بينها تفصيلا في رسالته للدكتوراة بعنوان (تطوير الأعمال المصرفية بم يتفق والشريعة الإسلامية) .. وبعد حوار ومناقشة أقرت اللجنة هذه المعاملة، وصدر قانون البنك الإسلامي بعد أن أدخلت اللجنة بعض التعديلات المهمة على مشروعه.
ولكني لاحظت أن بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد أن اعتمد في قانون البنك الإسلامي وانتقل إلى الواقع التطبيقي، وأخذت به كثير من البنوك الإسلامية وقع في كثير من المحاذير، وذلك نتيجة الغفلة عن الطبيعة الأساسية لهذه المعاملة مما يتطلب العودة بها إلى جادة الصواب وتخليصها من سوء الفهم والتطبيق، لتظل أداة من أدوات الاستثمار المالي المشروعة في الإسلام، فلا تقع فيما هو محظور شرعا من الربا أو غيره.
وإني لأدعو الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذه الملاحظات والأفكار حول طبيعة بيع المرابحة للآمر بالشراء، وأن يكون في عرضها على مجلس مجمع الفقه الإسلامي مساهمة بناءة في استصدار قرار فقهي مجمعي حول هذه المعاملة، يرسخ دورها في مجال المعاملات المصرفية الإسلامية، ويحميها من كل مظاهر سوء الفهم والتطبيق.