للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية الحياة الإنسانية في ضوء اجتهادات

العلماء المسلمين والمعطيات الطبية

للدكتور محمد نعيم ياسين

كلية الشريعة والدراسات الإسلامية

جامعة الكويت

تمهيد:

لا شك في أن محاولة تحديد اللحظة التي تنتهي فيها حياة الإنسان في الدنيا، تحديدًا دقيقًا من الناحية الشرعية، أصعب من البحث في معرفة الزمن الذي تبدأ منه تلك الحياة؛ ذلك أننا وجدنا في هذه الثانية منطلقًا من نص نبوي شريف صحيح ننطلق منه في النظر، ونبني عليه ملاحظاتنا واستنتاجاتنا المستفادة من النصوص الأخرى، وأما قضيتنا هذه فليس فيها نص من قرآن أو سنة يمكن اتخاذه منطلقًا للبحث.

ومع غيبة النصوص في هذا الموضوع، وتعلقه بواقع مخلوق من مخلوقات الله عز وجل هو الإنسان، وابتنائه على الملاحظة والاختبار والتشخيص، أمام هذه الحقيقة نجد أنفسنا ملزمين بالاعتراف بأن الدور الحاسم في هذه القضية (متى تنتهي الحياة) ينبغي أن يكون من نصيب أهل التخصص، المشتغلين بملاحظة ذلك المخلوق وهم الأطباء، فهم الذين يقفون على الثغرة الحرجة من هذه المسألة، وعلى خط التماس مع الواقع محل البحث.

ولولا وجود النص في المسألة الأولى (بداية الحياة الإنسانية) لكان الأمر فيها كما هو في هذه القضية.

وهذا الاعتراف لا يعني الغض من الدور الذي يجب على علماء الشريعة أن يقوموا به، جنبًا إلى جنب مع إخوانهم الأطباء المسلمين، الذين يطلبون في ممارسة مهنتهم الانسجام مع حقائق الدين الحنيف.

ودور علماء الشرع سابق لدور أهل الاختصاص ولاحق له، فهم في أول الأمر يضعون بين أيدي إخوانهم الأطباء المبادئ والحدود والشروط العامة التي يلتزم بها المسلم في ممارسة اختصاصه، مهما كان متعلقه من موجودات هذه الحياة، وهم بعد ذلك يتسلمون من إخوانهم نتائج بحوثهم وملاحظاتهم، وينطلقون منها في تقرير الأحكام المتعلقة بها، وجميع هذا محصور في القضايا التي لم ترد فيها نصوص حاسمة كهذه القضية التي نبحث فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>