بالرغم من أنه لم تمض غير سنوات قليلة على بداية علم زراعة الأعضاء البشرية كعلم حديث من علوم الطب، إلا أنه مثل غيره من العلوم في الأعوام الأخيرة، أصبح معدل التقدم فيه ليس بالاطراد المعتاد من قبل في أي وقت مضى، بل أصبح تقدماً سريعاً مركباً يلهث الإنسان ليدرك مداه إذا نظر إلى مجال واحد من مجالاته وهو ما لاحظته عند كتابة هذا البحث، ومرجع ذلك في رأيي هو الاتساع الشديد في مجالات المعرفة في العلوم المختلفة والتي يخدم بعضها بعضاً.
فمثلاً التقدم في العلوم الكيميائية والفيزيائية والإلكترونية والبصرية يخدم بعضها بعضاً في حل مشاكل تعترض نموها، كما أنها كلها مجتمعة تساعد التقدم في العلوم الطبية وتحل الكثير من مشاكلها وتفتح الكثير من الثغرات في العقبات التي تعترض هذا التقدم. فإذا أضفنا لذلك أيضاً سهولة انتشار وسائل المعرفة بين مختلف دول العالم من خلال المجلات العلمية المتخصصة، والتي يمكن أيضاً نقلها عبر الأقمار الصناعية في فترات زمنية وجيزة إلى كل مكان، ووجود أعداد غفيرة من العلماء الباحثين في جميع مجالات المعرفة في كل منها لأدركنا سر هذه السرعة غير العادية في التقدم العلمي الآن. فكل بحث يحل مشكلة ما في بلد ما يتم من خلاله تطبيقات كثيرة في بلاد أخرى ويتفرع عنها بحوث جديدة وهكذا ...
فنحن نعيش الآن عصراً يمكن تسميته بعصر الانفجار العلمي.
هذا النوع من التقدم يتطلب منا كجهة معنية بالتوجيه العلمي أو بالأصح بنقد التقدم العلمي بميزان الشريعة الإسلامية ووضع علامات الاستحسان والتحذير.. يتطلب منا هذا أيضاً، ليس فقط أن نسرع في عملنا لنلاحق هذه السرعة بسرعة مماثلة، وأن نضع العلامات الصحيحة والمطلوبة فقط، ولكنه يتطلب منا الآن أيضاً أن نشرك الإعلام الإسلامي الواعي بوسائله المختلفة في بلاده المختلفة لحضور هذه الندوات. إن ذلك ليس للاشتراك في مناقشة المواضيع المطروحة في الجلسات فقط، فالإعلاميون قطاع هام من جمهور المسلمين يهمنا أن نعرف انعكاسات آرائنا عليهم، وليبدأ عملهم من حيث تنتهي هذه الندوات من وضع توصياتها النهائية وذلك لعرض وجهات النظر التي تم عليها الاتفاق على جماهير المسلمين ومناقشتها إعلامياً ونشر الأبحاث والمناقشات التي تمت في قنوات الإعلام إلى الملايين.