للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج

(ب) الوليد عديم الدماغ

مصدراً لزراعة الأعضاء الحيوية

إعداد

الدكتور حسان حتحوت

المركز الإسلامي لجنوب كاليفورنيا

بسم الله الرحمن الرحيم

(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج

يخطىء من يظن أن الرأي في هذا الموضوع قد استقر أو أوشك على الاستقرار، وعلى الرغم من أنه قد دخل حيز التطبيق في مجالات كثيرة إلا أن حرارة النقاش حوله لم تخمد، لأن الاعتبارات التي تكتنفه تبدو متعارضة باختلاف التطبيق، فله ما يدعو إليه في باب حفظ النفس وعلاج المرض والوفاء بمصالح الناس المرسلة، إلا أن له كذلك محاذير لدى من يأخذون بالنظرة القيمية لا المنفعية ويدينون بحرمة اللحم الإنساني حياً أو ميتاً.

ولعل من أول استعمالات أنسجة الأجنة وأبعدها عن الخلاف استزراع سلالات خلوية باستنبات قطعة ضئيلة من الجنين وامتدادها أجيالاً متعاقبة بل دائمة، وقد كان لذلك مردود إيجابي كبير في مجال أبحاث الفيروسات واستنباط اللقاحات الواقية منها ومن أمثلتها اللقاح الواقي من مرض شلل الأطفال.

ثم عاد الموضوع إلى بؤرة الاهتمام عندما اكتشف بعض العلماء مؤخراً أن لبعض أنسجة الجنين فوائد علاجية مباشرة في بعض الأمراض. ومن أمثلة ذلك وضع النسيج العصبي الذي يكون قشرة الغدة الكظرية في مكان معين من مخ المريض بمرض باركنسون، فإن المادة التي يفرزها هذا النسيج تجبر نقصاً وتصلح خللاً وتفضي إلى انحسار أعراض المرض وإطالة معدل حياة المريض، ومن الأمراض المقترحة كذلك لهذا المنحى من التداوي مرض السكر، بزرع خلايا البنكرياس والدمار الإشعاعي لنخاع العظام الذي يعتمد في أصناف من سرطانه، فربما كان العلاج أفتك من الداء لولا محاولة زرع نخاع جديد من جنين طازج، وإنما فضل الجنين مصدراً لأن خلاياه ناشطة النمو ماهرة التكيف عديمة الإثارة لردود الفعل المناعية الرافضة أو قاب ذلك.

وإلى هنا يبدو في ظاهر الأمر أن الموضوع لا يعدو أنه نوع من زراعة الأعضاء وأنه لذلك أهل لعرض من أهل الشريعة ومن غير أهلها على السواء، وكاد ذلك يصح لولا أن المصدر هنا هو الإجهاض، وأن الأغلبية الغالبة من تلك الأجنة اجتلبت بطريق التجهيض الجراحي العمد، وارتفعت أصوات الذين يحرمون التجهيض شرعاً أو إنسانياً، ثم أصوات الذين خشوا أن تشيع تجارة الإجهاض، فتحمل المرأة بقصد أن تجهض فتبيع جنينها أو تهبه لعلاج قريب أو مبتاع، وهو منحنى خطير في السلوك الإنساني، فإن الطبيعي أن المرأة إن قصدت إلى الحمل برضاها فإنما تنوي الميلاد لا الإجهاض، وإنشاء الحياة بقصد قتلها مرفوض – ولا ريب - وأثبتت الوقائع أن هذه المحاذير قد ولغ فيها من ولغ سواء من الأطباء الذين يعالجون بأنسجة الجنين، أو الأطباء الذين يقترفون الإجهاض، أو النساء بائعات أجنتهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>