للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغزو الفكري وأساليب المواجهة

إعداد

الشيخ محمد علي التسخيري

عضو مجمع الفقه الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الأول

الغزو الفكري وأساليب المواجهة

في عالم يغص بالانحراف والضياع الفكري والأخلاقي، والظلم، ظهر الإسلام العظيم منحة ربانية ترسم للإنسانية الطريق الخالد الوحيد لتكاملها المطرد، وخلاصها من كل ما يزري بها ويجرها إلى الانحطاط.

ورغم أن العوامل الكثيرة كانت ضد مثل هذه الإنطلاقة، إلا أنها كانت تمتلك ـ من جهة أخرى ـ عناصر أهلتها لتحقيق غايتها الكبرى.

وأهم هذه العناصر:

(أ) طاقات الإسلام الذاتية القادرة على النفوذ إلى الأعماق، نتيجة انسجامها مع البنية الإنسانية، والفطرة.

(ب) القيادة الحكيمة للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.

(جـ) تأييد الله تعالى، فهو ولي المؤمنين: {وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخدَعُوكَ فَإِنَّ حَسبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصرِهِ وَبِالمُؤمِنِينَ وَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِهِم لَو أَنفَقتَ مَا فِي الأَرضِ جَمِيعا مَّا أَلَّفَت بَينَ قُلُوبِهِم وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١) .

ولا ننسى أيضًا ـ أن الظروف الزمانية والمكانية ـ رغم ما كانت تتمتع به من عناصر سلبية ـ كانت مهيأة لظهور مثل هذه الدعوة، بل وانتصارها في زمن قصير.

وعلى أي حال، فقد ظهر الإسلام وعم نوره الأرض.. إلا أنه ـ وبشكل طبيعي ـ واجه من يومه الأول مقاومة، من كل أولئك الذين جاء للقضاء على ظلمهم، وجهلهم، وتعصبهم، وابتزازهم للحقوق فخططوا له ما شاءوا وقاوموا ما مكنتهم قوتهم من ذلك. وحفل تاريخ العصبة الإسلامية الأولى، بل تاريخ المسلمين على مر العصور، بألوان من الحرب، والمقاومة الكافرة، والتآمر الحاقد لإطفاء هذه النور {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (٢) .


(١) سورة الأنفال: الآيتان ٦٢ و٦٣
(٢) سورة التوبة: الآية ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>