للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة

(الإجارة المنتهية بالتمليك)

دراسة فقهية مقارنة

إعداد

أ. د. علي محيي الدين القره داغي

أستاذ ورئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة والقانون

جامعة قطر

والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن التطبيقات العملية لأحكام الفقه الإسلامي هي التي تدفع بالفقه نحو التقدم والتطور والازدهار، وكما قيل: "الحاجة أم الاختراع"، لذلك شهد عصره الذهبي عندما كانت أمور المسلمين (أئمتهم وعامتهم) تدور عليه، وتبحث في إطاره، ولا يسمح بالخروج عليه، فنشطت قرائح الفقهاء وتفكيراتهم لتوضيح الحلول الشرعية ولإيجاد البدائل والمخارج على ضوء القواعد الكلية والمبادئ العامة للشريعة ومقاصدها العامة، ثم رعاية العرف والحاجة، وما يقتضيه رفع الحرج عن المسلمين في تعبدهم وتعاملهم فازدانت تلك العصور بعدد كثير من المؤلفات الضخمة في الفقه وفي فقه النوازل والحوادث، والفتاوى العملية والأقضية والأحكام.

ثم أتى على الفقه الإسلام حين من الدهر أصابه الجمود والتأخر بسبب جمود الأمة وتخلفها وبعدها عن الاجتهاد والتقدم والتحضر، وانشغالها بالبدع والخرافات، فاستغل ذلك الوضع الاستعمار فجاء بغزوه الفكري والتشريعي والسياسي والاقتصادي فاستخر (فاستعمرنا) وطبق علينا قوانينه وتشريعاته، فأبعد فقهنا الإسلامي عن الحياة، وغيبه عن الواقع وهمش دوره على مسرح الأمة، ولأول مرة في تاريخ هذه الأمة تفرض عليها قوانين بشرية أجنبية تأتي بها دول محتلة لأراضيها، ويقبل منها مثقفوها، وحينما صحت الأمة الإسلامية فرأت ما حولها من العوائق والمصائب والمشكلات، وأنها أحيط بها من كل جانب، بدأت تتحرك نحو إصلاح ما أصابه الفساد، وكان نصيب الفساد للجانب الاقتصادي أكبر، حيث كان البديل الوضعي عن الاقتصاد الإسلامي هو المطبق في كل بلاد المسلمين، وبلغ الأمر إلى أن حدا ببعض المنتسبين إلى الدين أن يصدروا فتاوى بحل آثار هذا النظام الرأسمالي اليهودي من الربا ونحوه، كما أن الإحباط من إيجاد البديل الإسلامي كاد أن يعم الجميع، وهذه الظروف الصعبة قامت القائمة على الأمة التي بدأت تحارب هذا الاستعمار وتعيد الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم فبذلت المحاولات الجادة في هذا المجال من خلال الكتب والندوات والمؤتمرات الفقهية والفتاوى الجماعية بخطورة النظام الربوي حتى استطاع الفكر الإسلامي في مجال الاقتصاد أن يظهر ويثبت أقدامه، ويخطو خطوة رائعة نحو التطبيق من خلال البنوك الإسلامية، وشركات التأمين الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>