ومنذ ذلك الحين بدأ الفقه الإسلامي تدب فيه الحياة، ويعود إلى الحياة مرة أخرى، ويعاد إليه دوره المنشود في قيادة الأمة، وبدأ التفكير الجاد لإيجاد الحلول الشرعية لهذا الكم الهائل من النوازل والمستجدات المتراكمة، فانطلق الفقه انطلاقته الجديدة، وكثرت المؤلفات والبحوث الفقهية المعاصرة، وازدهر بالمؤتمرات والندوات والحلقات الفقهية التي أثرى بها كثير من القضايا المعاصرة، وساعد على وضوح الرؤية والاجتهادات الجماعية من خلال المجامع الفقهية بجانب الاجتهادات الفردية.
ومن هذا المنطلق يأتي دور البنك الإسلامي للتنمية ومعاهده المتخصصة في خدمة الفقه الإسلامي وتجديده من خلال فقه العمل، وفقه الحاجة وفقه النوازل وبالأخص في الاقتصاد الإسلامي وفقه المعاملات المالية.
ولذلك حينما طلب مني الأخ الكريم الدكتور عمر زهير حافظ مدير المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية: أن أكتب بحثاً عن: " الإجارة المنتهية بالتمليك "ليلقى في ١٤ رمضان ١٤١٨هـ ضمن الموسم الثقافي للمعهد، لم يسعني إلا الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة، والعمل على تنفيذها بكل ما أستطيع بذله من جهد وفكر.
وسوف يتناول بحثي: الإجارة في الكتاب والسنة، لاستنباط المبادئ الأساسية لها، ثم بحثها في كتبنا الفقهية، ثم ينتهي البحث بالتطبيقات المعاصرة التي تكون الإجارة المنتهية بالتمليك أهم تطبيقاتها، ثم يختم بخاتمة تتضمن تلخيصاً للبحث ونتائج البحث وتوصياته.
والله أسأل أن يوفقنا لما فيه خير ديننا وأمتنا، ويسدد على طريق الحق خطانا، ويجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يعصمنا عن الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل، إنه حسبنا ومولانا، فنعم المولى ونعم النصير.