للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخذ بالرخص وحكمه

إعداد

الدكتور أبو بكر دوكوري

ممثل بوركينا فاسو الدائم في

مجمع الفقه الإسلامي

التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي

الدورة الثامنة في بروناي (دار السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخذ بالرخص وحكمه

اعلم أن تقسيمات الحكم الشرعي كثيرة، ومن تقسيماته " باب الرخصة والعزيمة " وهو تابع للحكم التكليفي عند الجمهور باعتبار كونه على وفق الدليل أو خلافه. واختار الآمدي كونه من أقسام الحكم الوضعي (١) .

يقول الكمال بن الهمام (٢) : " وقيل للشارع في الرخص حكمان: كونها وجوبًا أو ندبًا أو إباحة فهو من أحكام الاقتضاء، وكونها مسببة عن عذر طارئ في حق المكلف يناسب تخفيف الحكم عليه مع قيام الدليل على خلافه، فهو من أحكام الوضع " (٣) .

فعلمنا أن من قال: إن الرخصة من خطاب الوضع فإنه نظر إلى جهة من جهاتها، ومن قال: إنها من خطاب التكليف، فباعتبار جهة أخرى.

ومقتضى الرخصة: الانتقال مما هو مطلوب على وجه الحتم والإلزام إلى جواز تركه في أمد معلوم أو الانتقال من موضع النهي والتحريم إلى الإباحة لسبب يبرر ذلك ولتوضيح كل ذلك نقول:

إن الرخصة في اللغة عبارة عن السهولة واللين، ومنه يقال رخص السعر إذا تيسر وسهل (٤) يقول الشاعر العربي (٥) :

وثديًا مثل حق العاج رخصًا

حصانًا من أكف اللامسينا

(٦) .

أما في اصطلاح الأصوليين فقد عرفها بعض الشافعية بأنها: " ما أبيح فعله مع كونه حرامًا " وقد انتقد الآمدي هذا التعريف باعتباره متناقضا (٧) .


(١) راجع الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١ /١٣١، وجمع الجوامع مع حاشية البناني ١ /١١٩.
(٢) هو أحد الأحناف المشهورين.
(٣) راجع التقرير والتحبير ٢ /١٥٣.
(٤) راجع لسان العرب ١/ ١١٤٦ والقاموس المحيط ٢ /٣٠٤.
(٥) هو الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم التغلبي، راجع ترجمته في كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة ١ /٣٤٠.
(٦) هذا البيت من معلقته المشهورة.
(٧) راجع الإحكام للآمدي ١ /٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>