للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحث

فضيلة الدكتور محمّد عبد اللطيف صالح الفرفور

عضو مجمَع الفقه الإسلامي الدّولي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مدخل إلى البحث

اتحاد المجلس عند الفقهاء

المراد باتحاد المجلس اتحاد الزمن أو الوقت الذي يكون فيه المتعاقدان مشتغلين بالتعاقد، وليس المراد من اتحاد المجلس كون المتعاقدين في مكان واحد، فمجلس العقد هو الحال التي يكون فيها المتعاقدان مقبلين على التفاوض في العقد، وعن هذا قال الفقهاء: (إن المجلس يجمع المتفرقات) .

وعلى هذا يكون مجلس العقد في المكالمة الهاتفية مثلا هو زمن الاتصال ما دام الكلام في شأن العقد، فإذا انتقل المتحدثان إلى حديث آخر انتهى المجلس، ومجلس التعاقد بالمراسلة أو بالمكاتبة هو مجلس تبليغ الرسالة أو وصول الخطاب، ويجب أن يكون القبول في المجلس الذي وصل فيه الرسول أو الخطاب، فإن تأخر القبول إلى مجلسٍ ثانٍ لم ينعقد العقد، فمجلس التعاقد بين حاضرين هو محل صدور الإيجاب، ومجلس التعاقد بين غائبين هو محل وصول الكتاب أو تبليغ الرسالة أو وصول السفير أو الموفد (١)

المقصد الأول

يمكن حصر الصور لاستخدام الآلات الحديثة للتعاقد غير المراسلة والمكاتبة والمهاتفة: (١) بالتلغراف (البرق) السلكي واللاسلكي، (٢) بالتلكس، (٣) بـ (فاكسملي) ، (٤) بالراديو، (٥) بالتلفزيون، (٦) بالقمر الصناعي، (٧) وبالأنترفون أو ما يقوم مقامه.

وقد تحدث بعض الفقهاء المعاصرين (٢) .عن الاتصال بالبرق وأحكام التعاقد به (وهو التلغراف) وتوصلوا إلى أنه كالمكاتبة تماما لكنه أسرع، لكن لا يمتنع الخطأ لذا وجب التثبت بوسائل التثبت الموجودة حاليا كالهاتف وما شابه ذلك، ومثل البرق والتلكسي، لأنه برق خاص بصاحبه من كلا الطرفين.

وأما الفاكسميلي فهو أسرع من التلكس ويأخذ حكمها أيضا.

وأما الراديو والتلفاز والقمر الصناعي فهذه الوسائل كلها فيما يبدو لي لها حكم البرق مع وجوب التثبت من شخصية المتكلم حتى لا يحصل تزييف أو جهالة.

هذا، وستأتي أيام قريبة أم بعيدة تصبح هذه الآلات الحديثة هي محور التعاقد ووسائله الأولى ولا مانع شرعا من ذلك إذا حصل التثبت بوسائله المشروعة.

هذا ما بدا لي والله تعالى أعلم.

***


(١) انظر المدخل الفقهي للأستاذ الجليل مصطفى الزرقا: ١٧١، والبدائع: ٥/١٣٧، والفقه الإسلامي وأدلته: ٤/١٠٩ و ٣٦٥ و٥٠٣.
(٢) هو الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية سابقا في رسالته أحكام التلغراف من مجموع رسائل له، رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>