للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سر المهنة الطبية بين الكتمان والعلانية

إعداد

الدكتور أحمد رجائي الجندي

الأمين العام المساعد للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية

بسم الله الرحمن الرحيم

الطب من أنبل المهن العملية، ويقول الإمام الشافعي عنه: (إنه أشرف مهنة عرفتها بعد العلوم الشرعية) وقد أباحت الشريعة الإسلامية الطب والتطبب فأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتداوي والبحث عن العلاج، على ألا يكون بمحرم، مصداقاً لقوله: ((يا عباد الله تداووا فإن الله لم يخلق داء إلا خلق له الدواء، علمه من علمه وجهله من جهله)) وأيضاً يقول: ((ما جعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليها)) ، ولم يقصر صلى الله عليه وسلم التداوي على الأطباء المسلمين، لكنه أمر بالاستعانة بغير المسلمين، فقد أمر بإحضار الحارث بن كلدة لمداواة سعد بن أبي وقاص ولم يكن الحارث قد دخل الإسلام بعد، وقال صلى الله عليه وسلم عن الحارث: ((إنه رجل يتطبب)) أي: أنه خبير بالطب، ثم قال: ((من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)) والركيزة الأولى في الوصول إلى تشخيص صحيح للمرض ليوصف العلاج، هو أن يثق المريض بطبيبه لكي يصارحه بما يشكو منه ويسر إليه بكل ما لديه من أسرار قد يخفيها عن أقرب الناس إليه حتى زوجته.

ومن هنا تأتي أهمية سر المهنة، والسر هو ما تعرفه وتخشى المجاهرة به، وفي قول آخر: (السر ما خفي على الناس وتكره أن يطلعوا عليه) ، فقد يكون به من الأسرار الشخصية المتعلقة بسلوكه ولا يرغب في الإدلاء بها.

لذلك كانت السرية ركناً أساسياً في تقدم مهنة الطب، وإحراز نجاح في العلاج، وعلى الطبيب أن يحرص عليها، وتكون أساس علاقته مع مريضه لبناء ثقة متبادلة بين الطرفين، حتى يفضي المريض إليه بشكواه، واثقاً من أن كل كلمة، بل كل لفظة هي في قرار مكين.

<<  <  ج: ص:  >  >>