ولقد تنبه إلى هذه الأهمية كل من اشتغل بالطبابة على مر العصور والأزمنة، فقد ظهر ذلك واضحاً في قسم الأطباء ابتداء من أمحوتب إله الطب المصري كما كانوا يطلقون عليه، حتى قَسَم المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية التي أصدرته عام ١٩٨١م. والذي ينص على أن يحافظ الطبيب على كل ما يصل إليه من أسرار مرضاه ولا يبوح بها.
ورغم هذه الأهمية التي يحتلها موضوع سرية المهنة إلا أن الممارسة العملية لقطاع كبير من الجسم الطبي أثبتت أن موضوع سر المهنة لا يحتل المكانة اللائقة به إضافة إلى عدم دراية العاملين به، ولعل الأسباب ترجع إلى ما يأتي:
١- إن هذا الموضوع لم يلق العناية الكافية من كليات الطب أثناء إعداد الطبيب لممارسة الحياة العملية، وكذلك النقابات المهنية ووزارات الصحة؛ إلا بعد أن يقع الطبيب في المحظور ويجد نفسه أمام القضاء بسبب جهله به.
٢- بسبب عدم الاهتمام والتوعية بهذا الموضوع من الجهات المسؤولة فإن الطبيب يقع في حيرة بين كتمان هذا السر وما يمليه عليه ضميره من اعتقاده، بأن الكتمان مخالف لتعاليم دينه الحنيف خاصة إذا كان هذا السر متعلقاً بجرائم أخلاقية ... وهنا يقع الطبيب في الخطأ إذا أفشى السر ويقع تحت طائلة القانون.
٣- إن بعضاً من العاملين في الإدارة الصحية ليسوا على إلمام كافٍ بأهمية (سر المهنة الطبية) وبأنها مقننة بصورة قانونية ولا يجوز إصدار ما يخالف القانون، لأن القانون يجب ما دون ذلك.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع فقد بادرت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بعقد ندوة تحت اسم (الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية) ودعت له العديد من الزملاء العاملين في مجال العلوم الطبية والقانونية والفقهية لتأصيل المبدأ من الناحية الشرعية والإسلامية.