للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخذ بالرخصة وحكمه

إعداد

الشيخ مجاهد الإسلام القاسمي

الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بالهند

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخذ بالرخص وحكمه:

الحمد لله الذي شرح لنا الصدر، ووضع عنا الوزر، وأراد بنا اليسر ولم يرد بنا الحرج والعسر، والصلاة والسلام على سيدنا النبي الأمي الذي بعث إلينا بالحنيفية السمحة البيضاء النقية، والذي كان عزيزًا عليه ما عنتنا، حريصًا علينا، وبالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، أما بعد:

فقضية " الأخذ بالرخص " قضية مهمة من قضايا الشريعة فإن الإنسان خلق ضعيفًا، وربما لا يستطيع أن يتحمل المشاق، وله أعذار تعوقه عن أداء واجباته والتحرز عما حرم عليه، والدين دين الفطرة، والله يعلم القوي من الضعيف، والصحيح من المريض، والمستطيع من المعذور، فكان من فطرة دين الفطرة أن تراعي تلك الأحوال المختلفة، ويحكم في كل حال ما يناسبه لأن الله تعالى قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] . فإذا لم يجد المكلف قدرة على عزائم الأمور أذن له أن يعمل بما فيه تخفيف ويسر، فهذا من نعمة الله تعالى على عباده الذي نظر إلى ضعفهم وأمرهم بما هو في وسعهم.

فحكم الله منه ما هو عزيمة ومنه ما هو رخصة والرخصة ضد العزيمة، ونحن ما دمنا بصدد دراسة الرخصة علينا أن نعرف العزيمة، لأنه بضدها تتبين الأشياء.

العزيمة والرخصة لغة واصطلاحًا:

العزيمة: لغة " الجد والإرادة الجادة للعمل " قال ابن منظور: العزم: الجد، عزم على الأمر عزما وعزيمة: أراد فعله، وقال الليث: العزم ما عقد عليه قلبك من أمر أنك فاعله ... وفي الحديث قال لأبي بكر: متى توتر؟ فقال: أول الليل، وقال لعمر: متى توتر؟ قال: من آخر الليل، فقال لأبي بكر: أخذت بالحزم، وقال لعمر: أخذت بالعزم. أراد أن أبا بكر رضي الله عنه حذر فوات الوتر بالنوم، فاحتاط وقدمه، وأن عمر رضي الله عنه وثق بالقوة على قيام الليل فأخر، ولا خير في عزم بغير حزم، فإن القوة إذا لم يكن معها حذر أورطت صاحبها ... وتقول ما لفلان عزيمة أي لا يثبت على أمر يعزم عليه.. إلخ (١) .


(١) لسان العرب لابن منظور – ٤ / ٢٩٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>