الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد ناقش في جلسته الثالثة صباح يوم الخميس الموافق ١٠/٤/١٤٠٢ هـ. والمصادف ٤/٢/١٩٨٢ م موضوع "حكم الإحرام من جدة وما يتعرض إليه الكثير من الوافدين إلى مكة المكرمة للحج والعمرة عن طريق الجو والبحر" لجهلهم عن محاذاة المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجب الإحرام منها على أهلها ومن مر عليها من غيرهم ممن يريد الحج أو العمرة.
وبعد التدارس واستعراض النصوص الشرعية الواردة في ذلك قرر المجلس ما يأتي:
أولاً: إن المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب الإحرام منها على أهلها وعلى من مر عليها من غيرهم ممن يريد الحج والعمرة، وهي: ذو الحليفة لأهل المدينة ومن مر عليهم من غيرهم وتسمى حاليًا (أبيار علي) ، والجحفة وهي لأهل الشام ومصر والمغرب ومن مر عليها من غيرهم وتسمى حاليًا (رابغ) ، وقرن المنازل وهي لأهل نجد ومن مر عليها من غيرهم وتسمى حاليًا (وادي محرم) وتسمى أيضًا (السيل) ، وذات عرق لأهل العراق وخراسان ومن مر عليها من غيرهم وتسمى (الضريبة) ، ويلملم لأهل اليمن ومن مر عليها من غيرهم.
وقرر أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات إليهم من هذه المواقيت الخمسة جوًا أو بحرًا، فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد، ومع التحرى والاحتياط خوفًا من تجاوز الميقات بغير إحرام فتزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب، وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا، واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في توقيت المواقيت للحجاج والعمار، واحتجوا أيضًا بما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قال له أهل العراق: إن قرنا جور عن طريقنا.