للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انخفاض قيمة العملة الورقية بسبب التضخم

النقدي وأثره بالنسبة للديون السابقة

وفي أي حد يعتبر الانخفاض ملحقاً بالكساد

إعداد

الدكتور مصطفى أحمد الزرقا

المستشار الشرعي بمؤسسة الراجحي المصرفية

بسم الله الرحمن الرحيم

انخفاض قيمة العملة وتأثيره في الديون السابقة

- من أكبر المشكلات المعاصرة من قضايا الساعة مشكلة التضخم النقدي، لما أصبح النقد المتداول في جميع أنحاء العالم ورقاً مطبوعاً وما يترتب على هذا التضخم من هبوط في قيمة العملة الورقية، بحيث تصبح الوحدة النقدية لبلد ما، كالليرة والدينار والدرهم واللير والدولار والفرنك مثلاً، قوتها الشرائية لا تساوي إلا جزءاً من خمسة أو عشرة أو مئة مثلاً من قوتها الشرائية السابقة.

إن الديون المعقودة قبل الهبوط بمدة طويلة كالمهور المؤجلة في عقود النكاح، وكالديون القديمة إذا قضيت بالعملة ذاتها وبالعدد المذكور في العقد القديم قبل الهبوط ينال الدائن بهذا الهبوط في قيمة العملة ضرر كبير بحيث يعتبر معه أنه لم يقبض من دينه إلا واحداً من خمسة أو من عشرة أو من مئة. وهذا بعيد جدًّا عن العدل والإنصاف الذي هو أهم سمة من سمات الشرع الإسلامي.

وفي الوقت نفسه إذا كلف المدين أن يدفع، بعد الهبوط العظيم المروع، دينه من النقود بحسب قيمتها السابقة، فإن ذلك مرهق له إرهاقاً لا يحتمل؛ فكلا الحلين لا ينطوي على عدل، سواء حملنا الفرق في قيمة العملة كله على الدائن، أو على المدين، وهنا تكمن المشكلة.

قبل سنوات من هذا التاريخ، في دورة هذا المجمع الفقهي التي عقدت في الكويت كان من جملة جدول أعمالها موضوع التضخم وهبوط سعر العملة التي عقدت بها عقود قديمة من قروض ومهور أو أثمان مبيعات. فاتخذ المجمع إذ ذاك قراراً بشأنها بين فيه أنه لا تأثير لذلك الهبوط في قيمة العملة مهما فحش، ولا يكلف المدين إلا بالمقدار نفسه من النقود التي عقد بها العقد القديم، دون أي اعتبار لهبوط قيمتها وقوتها الشرائية. ولم أكن أنا حاضراً تلك الدورة المذكورة؛ لأن الجامعة الأردنية التي كنت فيها لم تأذن لي ولم تعطني إجازة لحضور تلك الدورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>