وفي نظري أن قرار المجمع إذ ذاك كان فيه شيء من التسرع يجعله في حاجة إلى إعادة النظر في موضوعه. فما ذنب الدائن من مقرض أو بائع أو امرأة عقدت على مهرها المؤجل بالليرات السورية أو اللبنانية ثم استحقت أخذه بوفاة الزوج أو تطليقه إياها أن تأخذ مهرها المؤجل بما يساوي واحداً من المئة أو أقل؟!!!
وإن قلنا بالعكس فما ذنب الرجل أن يدفع المهر مئة ضعف أو أكثر عما تعاقد عليه، ولم يكن في حسبانه مثل هذا الهبوط المروع؟!
إن الموضوع خطير، ويحتاج إلى تروٍّ وتفكير في ضوء مبادئ الشريعة، والقوانين الوضعية ليستنير الفقيه بما عند غيره من رأي، ولا يصح أن يؤخذ فيه قرار مبتسر على عجل كما لو كان الأمر بسيطاً ليس ذا خطورة كبيرة في نتيجته.
والذي بدا لي بعد طول تفكير عقب صدور القرار من المجمع الكريم في دورة الكويت المذكورة أن هذا الموضوع ليس له حل عادل مع الطرفين الدائن والمدين سوى الحل المستوحى من نظرية الظروف الطارئة المعروفة في عالم القانون الوضعي والتي تتقبلها مبادئ الشريعة الإسلامية وفقهها بكل ترحاب.
-نظرية الظروف الطارئة-
ما هو الظرف الطارئ؟
يعرف العلماء القانون الطارئ بأنه ظرف يحصل بعد التعاقد بصورة مفاجئة لم يكن في حسبان العاقدين وقت التعاقد، تختلف فيه قيمة الالتزام الذي التزمه أحدهما تجاه الآخر اختلافاً جسيماً من شأنه أن يجعل الالتزام مرهقاً للملتزم إرهاقاً شديداً.
وأبرز ما يحصل الظرف الطارئ بالمعنى المبين في تعريفه عقود التوريد، وعقود المقاولة التي يعقدها المتعهدون لإقامة المنشآت والمباني.
فقد يتعاقد مقاول متعهد بإقامة بناء ضخ لشركة أو لحكومة في ظرف طبيعي بالعملة السائدة، فتقع حرب مفاجئة تنقطع بها طرق المواصلات، ويتوقف أو يتعسر استيراد مواد البناء فتغلو أسعارها ويندر وجودها، وتصبح تكاليف البناء أضعافاً مضاعفة عما كان محسوباً وقت التعاقد.