نظرة أكثر تفصيلًا عن بدايات الشهور العربية
فضيلة الشيخ محمد على التسخيري
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك نقاط تلقى ضوءًا على الموضوع المبحوث عنه وهي:
أولًا: أننا نعتبر مسألة الوحدة الإسلامية من أهم خصائص الأمة الإسلامية والتى عمل القرآن الكريم، والسنة الشريفة عليها، ونؤيد كل خطوة صحيحة مشروعة لتحقيق هذا الهدف الإسلامي الضخم والذى نصبو إليه جميعًا، حيث تقف الجماهير الإسلامية في خندق واحد تبنى نفسها من جهة متكاملة نحو المطلق، وتقارع الطغاة المعتدين (الشرقيين والغربيين) من جهة أخرى.
ثانيًا: كما أننا متأكدون من أن الكثير من المتسلطين على مقاليد الأمور في عالمنا الإسلامي حاولوا أن يستفيدوا من مسألة بداية الشهور القمرية والمناسبات وتوقيتها لصالح أغراضهم الضيقة، الأمر الذى يدعو إلى تجريدهم من هذه السلطات وتسليمها بيد مراكز مستقلة لا تتأثر بالأهواء وإنما تراقب الله تعالى لا غير.
ثالثًا: يبدأ الشهر بخروج القمر من موضعه بين الأرض والشمس (والذى يكون فيه وجهه المظلم مواجهًا للأرض فلا يرى) يبدأ بخروجه من هذا الموضع حيث تبدو حافة النصف المضئ بشكل هلال (ويسمى هذا بدء الحركة الاقترانية) وكلما ابتعد عن المحاق زادت مساحة الجزء الظاهر لنا حتى نواجه النصف المضئ كله بشكل (بدر) وتكون الأرض بينه وبين الشمس.
ويكون ظهور الهلال عند أول الشهر عند غروب الشمس ولا يلبث غير قليل فوق الأفق ثم يختفى ولهذا قد تصعب رؤيته أو قد لا تمكن من قبيل:
أن يظهر بعد غروب الشمس فوق الأفق الغربى قليلًا، ثم يختفى تحت الأفق الغبر فيكون غير واضح الظهور وربما صعبت رؤيته أو كانت غير ممكنة.
أو: أن يواجه الجزء المضئ من القمر الأرض، ثم يغيب ويختفى تحت الأفق قبل غروب الشمس، فلا تتيسر حينئذ رؤيته مادامت الشمس موجودة.
أو: أن يكون الجزء المنير المواجه للأرض من القمر (الهلال) ضئيلًا جدًا لقرب عهده بالمحاق، فلا تمكن رؤيته بالعين المجردة.
وفى كل الحالات تكون الدورة الطبيعية للقمر قد بدأت، إلا أن الهلال لا يمكن رؤيته، وحينئذ فإن الشهر بمفهومه الشرعى لا يبدأ حينذاك، وإنما يتوقف على أمرين:
أحدهما: خروج القمر من المحاق، ومواجهة جزء من نصفه المضئ للأرض.
والآخر: أن يمكن رؤية هذا الجزء بالعين الاعتيادية المجردة، ولهذا فقد يتأخرالشهر القمرى الشرعى عن الشهر القمرى الفلكى الطبيعى.
وإمكان الرؤية بالعين المجردة هو المقياس لا الرؤية نفسها، فوجود حاجب يحول دون الرؤية كالغيم والضباب لا يضر بذلك.
كما أنه ليس المعيار الرؤية بالوسائل العلمية، وإنما المعيار هو إمكان الرؤية بالعين الاعتيادية المجردة.