وذهب الشافعية إلى أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم، ولا تكفى رؤية البلد الآخر، والأدلة تطلب في كتب الفروع، فارجع إليها هناك (الجزء الأول ص ٢١١) .
وقال حجة الإسلام الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين ج ١ ص ٢٣٢) .
"وإذا رئي الهلال ببلدة، ولم يرى بأخرى، وكان بينهما أقل من مرحلتين، وجب الصوم على الكل، وإن كان أكثر، كان لكل بلدة حكمها ولا يتعدى الوجوب ".
ونقل العلامة الفيض الكاشانى في كتابه (الوافى ص ٢) الرواية التالية: عن البصرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان، فقال:"لا تصم إلا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه".
وعلق عليها قائلًا: إنما قال عليه السلام فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه، لأنه إذا رآه واحد في بلد، رآه ألف كما مر. والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون ذلك البلد المشهود برؤيته فيه من البلاد القريبة من هذا البلد أو البعيدة عنه، لأن بناء التكليف على الرؤية لا على جواز الرؤية ولعدم انضباط القرب والبعد لجمهور الناس ولإطلاق اللفظ فما اشتهر بين متأخرى أصحابنا من الفرق ثم اختلافهم في تفسير القرب والبعد بالاجتهاد ولا وجه له. (ص٢٠) .
إلا أن المرحوم الشعرانى علق على كلامه بقوله:
"الشريعة نفسها التى ربطت شهرها (القمرى) الشرعى بإمكان الرؤية لنر أنها هل ربطت الشهر في كل منطقة بإمكان الرؤية في تلك المنطقة أو ربطت الشهر في كل المناطق بإمكان الرؤية في أي موضع كان؟
والأقرب على أساس ما نفهمه من الأدلة الشرعية هو الثانى. وعليه فإذا رئي الهلال في بلد ثبت الشهر في سائر البلاد".
ويقول المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتابه (الفردوس الأعلى) :
"سؤال: هل البينة حجة من البلد في ثبوت الهلال فيما إذا لم يكن في السماء علة أم لا..؟
الجواب:
فى السؤال نوع من إجمال، ولكن الضابطة الكلية أن أدلة حجية البينة مطلقة غير مقيدة بعدم الاستبعاد، أو عدم الريب فيما بعد تحقق موضوعها إلا أن يعلم اشتباهها أو خطأها، ولا فرق بين كونها من البلد أو خارج البلد بعيدة أو قريبة.."