للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضاربات على العملة

ماهيتها وآثارها وسبل مواجهتها

مع تعقيب من منظور إسلامي

إعداد الدكتور

شوقي أحمد دنيا

أستاذ الاقتصاد – جامعة الأزهر

بسم الله الرحمن الرحيم

المضاربات على العملة – ماهيتها وآثارها وسبل مواجهتها

مع تعقيب من منظور إسلامي

من الظواهر التي يمكن اعتبارها بحق إحدى خصائص عصرنا الحاضر، وفي الوقت ذاته إحدى كبر سوءاته، ثم هي فوق ذلك تتربع بجوار قلة معها على عرش أعداء استقراره وازدهاره ومواصلة تحقيقه لمستهدفاته من إنجاز التقدم وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة بل والمتواصلة؛ ظاهرة المضاربات في العملات وما يدور في فلكها من مضاربات في الأوراق المالية.

تلك الظاهرة التي كان من ورائها مؤسسات وأشخاص فاقت قدراتهم كل ما يتصور، وباتت الحكومات حتى القوية فيها لا تزيد على أن تكون ألعوبة في أيديها. لقد أسهمت بقوة في تحويل دول بأسرها، وليس مجرد شركات ومؤسسات إلى الفقر بعد الغنى وإلى التدهور بل وما يقارب الانهيار بعد التقدم والازدهار. ماذا عن هذه الظاهرة؟ وماذا يملك الاقتصاد الإسلامي لمواجهتها؟

في هذا البحث إجابة عن كل ذلك، إن لم تكن كاملة فعسى أن تكون كافية مقنعة.

تمهيد:

للعملة أو النقود (١) قيم متعددة أشهرها وأهمها ما يعرف بالقيمة الحقيقية للنقود، وما يعرف بالقيمة الخارجية أو سعر الصرف. ومعروف أن القيمة الحقيقية للنقود تعني قوتها الشرائية إزاء السلع والخدمات، واستقرار هذه القيمة من الأهمية بمكان، لما لذلك من آثار بالغة الخطورة على كافة الأصعدة. ولذلك مجال واسع للبحث والدراسة ليس ما نحن بصدده الآن، وإنما مقصدنا القيمة الخارجية للعملة، وما تتعرض له من تقلبات عنيفة تعصف عصفًا مدمرًا بكل جوانب المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن المعروف أن المضاربة على العملة تعد من أهم وأخطر مسببات هذه التقلبات في القيمة الخارجية للعملة.

وفي هذه الورقة نعرض بقدر كبير من الإيجاز والبساطة لأهم المحاورة المتعلقة بعملية المضاربة على العملة، مع بيان ما يمكن أن يقدمه الاقتصاد الإسلامي من عطاء ثري في هذا المجال. والموضوعات الرئيسة التي تدور حولها هذه الورقة تتمثل فيما يلي:

أولاً: التعريف بالقيمة الخارجية للعملة وكيف تتحدد.

ثانيًا: المضاربة على العملات – أبعاد رئيسية.

ثالثًا: آثار المضاربة على العملات.

رابعًا: وسائل مواجهة المضاربة على العملة.

خامسًا: موقف الاقتصاد الإسلامي من هذه القضية.

* * *


(١) لا يخفى على المختصين ما هنالك من فروق بين مصطلح نقود ومصطلح عملة. وعمومًا فإن العلاقة بينهما هي العموم والخصوص المطلق، فكل عملة نقد، وليس كل نقد عملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>