للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكاة الأسهم في الشركات

إعداد

فضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد عضو مجمع الفقه الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الهداة المهتدين، وعلى من دعا بدعوته بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:

فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفريضة من فرائضه، وهي واجبة على الغني فيما يفضل عن حاجته وحاجة من ينفق عليهم، وتؤخذ من النقد وعروض التجارة ومن المواشي وثمار الزروع بنسب معروفة عند المسلمين، لا ترهق دافعي الزكاة، وتسد حاجة الفقير والمسكين، وتفي بإقامة المصالح العامة، وهي عبادة مالية، يكفر جاحدها، ويقاتل مانعها، يتجلى ذلك في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله تعالى عنه حينما بعثه واليا على اليمن: ((إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) . وفي قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التوبة: ١٠٣

وأسهم الشركات هي مجموعة الأسهم التي يشتريها الناس، وتكون قيمتها مجتمعة هي رأس مال الشركة، موزعا على جميع المساهين فيها، وهي أموال قابلة للتعامل والتداول بين الأفراد والجماعات، وقد أصبحت وسيلة للاتجار فيها بالبيع والشراء؛ ابتغاء الربح، وهي حلال ما لم يكن عمل الشركة الذي تكون من مجموع الأسهم مشتملا على محظور شرعي، وهي بهذا الاعتبار تكون من عروض التجارة، وتجب فيها الزكاة؛ لأن صاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء، ويكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وقيمتها الحقيقية التي تقدر في الأسواق تختلف في البيع والشراء عن قيمتها الاسمية، فكان من الحق أن تكون وعاء للزكاة ككل أموال التجارة، ويلاحظ فيها ما يلاحظ في عروض التجارة، ويعتبر الحول فيها من تاريخ شراء الأسهم.

والأسهم: إما أن تكون أسهما تجارية أو صناعية أو عقارية، فإن كانت أسهما تجارية (بضائع) ، فالزكاة فيها تكون على رأس المال والعائد.

أما إذا كانت الأسهم في شركات صناعية، فالزكاة فيها على العائد فقط؛ لأن السهم يمثل جزءا شائعا من المصنع، وأدوات المصانع لا زكاة عليها.

أما الأسهم العقارية، فإن كانت تمثل شراء أرض لبنائها واستغلال ما عليها من مبان، فالزكاة فيها على العائد فقط.

أما إذا كانت العقارات من أرض ومبان قد اشتريت بقصد المتاجرة، فالزكاة فيها على الأصل والعائد.

ومعنى هذا أن تؤخذ الزكاة على الأسهم في آخر كل حول بمقدار ٢.٥ % في المائة من قيمة الأسهم، حسب تقديرها في الأسواق، مضافا إليها الربح إن وجد، بشرط أن يبلغ الأصل والربح نصابا، أو يكملا مع مال عنده نصابا، فكل مساهم يعرف مقدار ما يملك من أسهم، ويعرف مقدار أرباحها في كل عام، فيستطيع أن يزكيها بسهولة، هذا ما ذهب إليه كثير من العلماء المحققين المعتد بفتاواهم، والله أعلم وأحكم.

٨ من شعبان ١٤٠٦ هـ

١٧ إبريل ١٩٨٦ م

محمد عبد اللطيف آل سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>