وأذكر للاقتصاديين والفقهاء أيضا أنه في وقت ما كانت قاعدة المدفوعات في مصر بالنحاس، بحيث كان الذهب يقوم بالنحاس. العملة كانت نحاسية في وقت ما الأوقات، ومن كان عنده ذهب أو عملة ذهبية فإن قدر العملة يقدر بالنسبة للنحاس، وخسر الناس وقتها كثيرا لأن النحاس أصبح هو القاعدة. يعني من يملك نحاسا أفضل ممن يملك ذهبا، ومع هذا ما وجدنا فقيها يقول: أخرجوا الذهب من النص وأدخلوا النحاس، ما وجدنا هذا. ثم ما استمر هذا، وإنما فترة معينة كواحد مغتصب ثم عاد الذهب إلى وضعه الطبيعي مرة أخرى.
ولذلك احتمال أن يعود الذهب، ولو فرضنا أنه لا يعود فعندنا نص وإجماع، فلا نستطيع أن نخرج على النص ولا على الإجماع إطلاقا، وعلى الاقتصاديين أن يتوقفوا عن الإفتاء، وعلى الفقهاء الذين أفتوا أن يبحثوا الجانب الاقتصادي بحثا دقيقا، ثم عليهم أيضا ألا يخرجوا على إجماع أو على نص، والحمد لله كما قلنا هنا بأن الفتوى التي صدرت في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي صدرت بالإجماع، مع أن هناك من حاول أن يثير مسألة الذهب وأنه أصبح سلعة عادية، وبالمناقشة هو نفسه صوت مع الباقين على هذا القرار. إذن من قال بهذا لعله رجع أو يرجع، لأن هذه قضية خطيرة.
بعد هذا العرض السريع أقول:
إذا دخلنا في برصة السلع لنشترى بالسعر الحال، إنما مسألة أشترى في موعد التصفية القادمة، ولا سلعة تقبض ولا ثمن يقبض فهذا لا يبيحه الإسلام، وعلى ذلك ما دمنا قد عرفنا هذا أعتقد لو أننا أصبح في مقدورنا كمسلمين ونحن نمثل أكثر من خمس العالم , لو أصبح في مقدورنا أن ننشئ بورصة إسلامية (سوق إسلامية) لاستطعنا أن ننشئها كما كانت في الإسلام، ننشئها في ظل عقود المعاملات في الفقه الإسلامي، ولا نتخطى هذه العقود.
وأوضح مثل على هذا عندما وجدنا المسلمين يخرجون على هذه القاعدة، ويسايرون غيرهم، ويتعاملون بمثل هذا التعامل غير الشرعي، وجدنا في دولة شقيقة وهي الكويت وجدنا الكارثة التي حدثت في سوق المناخ: ربا وميسر، معاملات إذا أردنا أن نقومها فهي مجموعة من الربا والميسر، إلى أن تدخلت الدولة، واهتز الاقتصاد هناك، ثم لا تزال تعالج وتعاني من هذا.
إذن نحن كمسلمين لا حياة لنا حياة كريمة كمسلمين إلا إذا تمسكنا بكتاب ربنا، وسنة نبينا، وآمنا أننا في جميع المعاملات لا يمكن أن ننجح إلا إذا تعاملنا كمسلمين، لأننا في أي مجال.. في الحرب.. في السلم.. في أي مجال ما لم نتعامل كمسلمين: نقود الحرب كمسلمين.. نبيع كمسلمين.. نشتري كمسلمين، فلا خير فينا ولا في أموالنا، نسأل الله تعالى أن يزكي نفوسنا، وأن يزكي أموالنا، وأن يقنعنا بالحلال ويغنينا به، وأن يجنبنا الحرام ويبعده عنها ويبعدنا عنه، هو نعم المولى ونعم النصير، وشكر الله لكم.