للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمام هذه الحقائق حقائق أخرى، ألا وهي حرمة الميت، والنهي عن التمثيل بالأموات ولو كانوا كفارًا؛ كما نهينا عن إيذاء الميت المؤمن، ففي الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والطحاوي والدراقطني والبيهقي وأحمد "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي"، وفي رواية الدراقطني زيادة عليه: "في الإثم" (١) وجاء في كتب الحنابلة: "ويحرم قطع شيء من أطراف الميت، وإتلاف ذاته، وإحراقه، ولو أوصى به". (٢)

لذلك لا يمكن أن نعتبر الحياة شرعًا قد انتهت، ونحكم على الشخص أنه في عداد الموتى، إلا إذا كانت هناك إمارة ظاهرة كما قررها الفقهاء في كتب الفقه، فيترتب على ذلك الإرث وانتهاء العدة وغيرها من الأحكام الشرعية.

إن إخواننا سوف يبدون آراءهم وقد يقولون: إن هناك مصلحة، "وإذا وجدت المصلحة فثم شرع الله".

والمصالح التي جاء بها الشرع خمسة، وهي: مصلحة الدين، ومصلحة النفس، ومصلحة العقل، ومصلحة النسل، ومصلحة المال. ثم إن المصالح باعتبار الشارع ثلاثة: مصلحة معتبرة شرعًا، ومصلحة ملغاة شرعًا، ومصلحة سكت عنها الشارع فلم يعتبرها ولم يلغها. وكل هذه المصالح معروفة لدى كل المشتركين في هذه الندوة. وإنما أريد أن أقول بهذه المناسبة كلمة أخيرة، وهي: أنه في المصلحة التي ألغاها الشارع، لا ينبغي أن يبتنى عليه حكم، حيث إنه قد ألغاها فعلًا؛ وعليه فإن الإتيان بأي حكم يناقض الحكم الشرعي، خطر يحوي إغراء النفوس بالهوى؛ والسلام عليكم ورحمة الله.


(١) إرواء الغليل: ٣/ ٢١٤
(٢) كشاف القناع: ٣/ ١٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>