للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرحلة المديدة التي قطعها من الخلية الواحدة إلى الجنين السوي وهي أطول بمراحل من رحلته من مولده إلى مماته.

والتغيرات التي تحدث في كيانه في الرحلة الجنينية أكثر وأوسع مدى من كل ما يصادفه من الأحداث في رحلته من مولده إلى مماته! فمن ذا الذي قاد هذه الرحلة المديدة، رحلة هذه الخليقة الصغيرة الضعيفة التي لا عقل لها ولا مدارك ولا تجارب؟

ثم في النهاية من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة.. الذكر والأنثى؟ وأي إرادة كانت لهذه الخلية في أن تكون ذكرًا؟ وأي إرادة لتلك في أن تكون أنثى؟ أمن ذا إلى يزعم أنه تدخل فقاد خطواتهما في ظلمات الرحم إلى هذا الاختيار؟

إنه لا مفر من الإحساس باليد اللطيفة المدبرة التي قادت النطفة في طريقها الطويل، حتى انتهت بها إلى ذلك المصير..

وجهات النظر

(أ) المفكرون الإسلاميون:

لا ريب أن بقاء النوع الإنساني من أول أغراض الزواج أو هو غاية هذه الأغراض. وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل. وقد حبب الإسلام في كثرة النسل، وبارك الأولاد ذكورًا وإناثًا ولكنه رخص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواع معقولة وضرورات معتبرة، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله - في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هي العزل (وهو قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها) وهذا يتم بدور الذكر؛ لأن دور الذكر في التناسل هو تقديم النطاف فقط، ولأن طرح النطف لا يفيد في العملية التناسلية أيضًا ما لم يتم في مهبل المرأة.

وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي كما روي في الصحيحين عن جابر: ((كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ولو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)) (١) .

وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وإني أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال وإن اليهود تحدث: أن العزل الموءودة الصغرى!! فقال عليه السلام: " كذبت اليهود، لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه ")) (٢) .

ومراد النبي صلى الله عليه وسلم أن الزواج - مع العزل - قد تفلت منه قطرة تكون سببًا للحمل وهو لا يدري.


(١) سنن الترمذي ٢٤١
(٢) سنن الترمذي ٢٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>