للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ -الإجارة المالية- تقويم ختامي:

مما سبق يمكن القول بإيجاز إن الإجارة التشغيلية مقبولة شرعاً طالما استوفت أركانها وشروطها وهذه لا إشكال فيها، لكن المشكلة أنها في كثير من الحالات قد لا تشبع رغبة المؤجر أساساً، وكذلك رغبة المستأجر في أحيان قليلة، كما إذا كان له رغبة في تملك الأصل وليس معه ثمنه كاملاً، ولا يجد من يبيعه إياه بالتقسيط، لما قد يواجهه من مخاطر وأعباء.

والإجارة المالية قد كفلت للمؤجر تلبية رغباته التي لم توفرها الإجارة التشغيلية، وكذلك البيع بالتقسيط. لكنها مع هذا كله تواجه بصعوبات شرعية تتطلب الحلول والمخارج، بعضها ممكن وبعضها غير ممكن إلا بالتحايل. كما أنها في التطبيق العملي ورغم مزاياها المتعددة فإنها تولد الكثير من المشكلات، مما جعل القانون الوضعي منقسماً على نفسه في تكييفها من جهة، وفي إجازة العمل بها من جهة ثانية. وكما يلاحظ فإن المصارف الإسلامية لم تمارس التمويل من خلالها إلا بنسب متواضعة وبعضها لم يمارسها على الإطلاق وبعضها محظور عليه ممارستها قانوناً.

وفي ضوء ذلك كله فإننا نرى التوسع في استخدام الإجارة التشغيلية والعمل على تطويرها بكل ما يمكن مع المحافظة وعلى أصولها الشرعية وذلك مثل إيجاد سندات إيجارية. وكذلك فك الارتباط بينها وبين المصارف الإسلامية، بمعنى الترويج لها كوسيلة تمويلية مباشرة، لا تتطلب –أو بالأحرى- لا تتوقف في معظم مجالاتها على قيام وسيط مصرفي، بل تقوم بذلك شركات تأجير متخصصة، وهي أقدر على ذلك من المصارف. إضافة إلى التعرف على النماذج المختلفة التي يمكن من خلالها ممارسة عملية التمويل، مثل الإجارة من خلال الوكالة، والإجارة من خلال المضاربة، والإجارة بطريقة المشاركة، وغير ذلك ما يمكن التعرف عليه واستخدامه. وقد تناول هذه النماذج بقدر من التفصيل الدكتور سعود الربيعة. مع ملاحظة قد تكون لها أهميتها، وهي أن استخدام صيغة الإجارة المالية بصورها المختلفة حدث أولا في المجتمعات الغربية بدافع أساسي يتمثل في علاج مشكلات في التعامل بالبيع بالتقسيط، ولم يكن الدافع بصفة عامة هو تطوير الإجارة التقليدية لتواجه ظروفاً مستجدة.

وليس معنى ذلك إغلاق الباب أمام استخدام الإجارة المالية بكل صورها.

فهذا أمر غير مقبول شرعاً كما أنه قد يكون غير مقبول عملياً، حيث إن السوق المالي في حاجة إليها. وإنما معناه أن نتحرى جيداً ما يمكن قبوله شرعاً من صورها العديدة، وما كان له رصيد عملي كبير في الحياة الاقتصادية حيث لا يثير من القضايا والمشكلات ما يجب ما لها من فوائد. وتجدر الإشارة إلى أن التعامل بالتأجير التمويلي أخذ في التناقص في الفترة الأخيرة لما يثيره من مشكلات عملية وقانونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>