للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي في شرحه لهذا الحديث: (يستحب لمن عليه دين من قرض وغيره أن يرد أجود من الذي عليه، وهذا من السنة ومكارم الأخلاق، وليس هو من قرض جر منفعة المنهي عنه؛ لأن المنهي عنه ما كان مشروطاً في عقد القرض) . (١)

وفي هذا العصر ابتلي العالم بصفة عامة، والعالم الإسلامي بصفة خاصة، بارتفاع التضخم، مما نتج عنه انخفاض القوة الشرائية للنقود، فالتضخم يعني أن النقود غير قادرة على القيام بدورها كوحدة حسابية عادلة، كما نلاحظ ركوداً عميقاً في بعض البلدان الإسلامية، وارتفاع معدلات البطالة في بلدان أخرى، ووجود مشكلات اقتصادية متعددة.

ويستنتج من هذه المشكلات وجود انحراف عن المنهج القويم. يحتم على المخلصين من علماء الأمة الإسلامية فقهاء واقتصاديين ومفكرين أن يبحثوا عن أسباب الداء ليعالجوه، ولا يكتفون بعلاج الأعراض الظاهرية؛ لأن علاج الأعراض ما هو إلا مسكن، يتيح للفيروس أن ينمو ويستفحل حتى يصل إلى مرحلة المناعة، فيتعذر علاجه.

والعلاج يجب أن يكون مستمداً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومقتبساً من أقوال العلماء الراجحة التي تعضدها الأدلة. حتى يمكن الوصول إلى مرحلة استقرار قيمة النقود.

تعريف الربط: (هو تقويم قيمة الديون قروضاً أو بيوعاً، مؤجلة أو مهوراً، أو نحو ذلك؛ بسلعة أو مجموعة من السلع، مناسبة للقوة الشرائية للنقود) .

كيف يتم الربط: يتم الربط بعدة أمور، أقتصر على ما تناوله موضوع هذا البحث، وهو الربط بتغير المستوى العام للأسعار، ويسمى الربط القياسي. فيمكن معرفة قيمة سلعة من السلع في وقت عقد هذا الدين، سواء كان هذا الدين قرضاً، أو ثمن مبيع مؤجل، أو صداقاً مؤخراً. ثم يعرف قيمة تلك السلعة أو السلع عند تاريخ الاستحقاق، ومن هنا يكون الفرق هو التغير في قيمة النقود.


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٤/١١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>