وأما إذا كان النقد هو الغالب، فإن الورقة المالية التي تمثله لا تباع إلا بقيمتها الاسمية، إذا كان البيع في مدة الاكتتاب وبعده، قبل استثمار حصيلتها، أو بما تساويه من النقد إذا كانت غلبة النقد حدثت أثناء حياة المشروع، وكانت جملة النقود تزيد عن قيمة الأوراق الاسمية، وهذا بناء على أن النقد لا يباع بالنقد إلا متساويا.
وإذا كانت الورقة المالية قد صدرت لتمويل عقد السلم، وهو العقد الذي يعجل فيه المشتري دفع الثمن للبائع، ويؤخر فيه البائع الشيء المبيع إلى أجل يحدد في العقد، فإنه لا يجوز تداولها، لأنها تمثل دينا في ذمة البائع قبل قبضه، ودين السلم لا يجوز بيعه ولا استبداله، قبل قبضه. وإذا أريد تمويل عقود السلم بالأوراق المالية وجب أن تصدر ورقة مالية لتمويل نشاط بأكمله، في هذا المجال، بمعنى أن حصيلة الورقة المالية تمول عقودا كثيرة بحيث يكون لدى المضارب مع ديون السلم أعيان هي السلع التي يقبضها المضارب عند حلول آجالها من البائعين، فتكون الورقة والحال كذلك، ممثلة لديون وأعيان وخصوصا إذا ضممنا إلى هذه السلع موجودات المضاربة من المكاتب والمخازن ووسائل النقل وغيرها مما يلزم النشاط، على أنه إذا كانت الديون هي الغالبة وجب التزام أحكام الشريعة في تبادلها.
ولا خلاف في أن الورقة المالية لو كانت تمثل أعيانا فقط، أو منافع فقط فإن تداولها يجوز دون قيد، فإذا كانت الورقة المالية قد صدرت لتمويل شراء معدة أو آلة للتأجير، أو قطعة أرض لاستصلاحها واستزراعها , فإنها أي الورقة المالية تقبل التداول , لأنها تمثل حصة في أعيان مالية، وكذلك الحال فيما إذا كانت الورقة تمثل أعيانا ومنافع معا.
والأصل في تداول الأوراق المالية بالبيع والشراء أن يكون في سوق الأوراق المالية، إذا وجدت هذه السوق، ومع ذلك فإنه يجوز للبنك الذي أصدر الورقة أن يعلن تعهده بشرائها بالسعر السائد عند عرضها، وللبنك في سبيل تحديد السعر أن يقوم بإعداد مركز مالي كل فترة يعلن بعدها استعداده للشراء خلال مدة يحددها.