الأوراق المالية على اختلاف أنواعها وصورها تمثل حصة مالية شائعة في مجموع مالي، هو صافي موجودات مشروع معين، أو عدد من المشروعات، أو مجمل مشروعات، وأنشطة البنك مصدر الورقة المالية.
وهذه الموجودات تشمل عادة نقودا وأعيانا ومنافع وديونا أو حقوقا لدى الغير، كالشأن في السهم في الشركات المساهمة؛ فإنه يمثل حصة مالية شائعة في صافي موجودات الشركة التي تشتمل على هذه العناصر. ولكن الورقة المالية قد تمثل أحيانا حصة شائعة في أحد هذه العناصر. كالأعيان أو المنافع أو الحقوق، إما ابتداء أو أثناء حياة المشروع الذي يبدأ بهذا المجموع من الأعيان والحقوق والمنافع، ثم يصير في مرحلة لاحقة قاصرا على عنصر واحد منها، كالنقود وحدها، أو الديون وحدها، أو المنافع وحدها، أو على عنصرين منها. وسوف أعرض حكم تداول الورقة المالية في صورها المختلفة بشيء من التفصيل:
الورقة المالية، بعد قفل باب الاكتتاب، وقبل إقامة المشروع وبداية التشغيل تمثل حصة نقدية، من حصيلة الاكتتاب في الورقة المالية، فلا يجوز تداولها بالبيع والشراء، إلا وفق أحكام الشريعة الخاصة ببيع النقد بالنقد، وهذه الأحكام تشترط التماثل في بيع النقد بالنقد، وعلى ذلك فإن الورقة المالية تباع في هذه المرحلة بقيمتها الاسمية دون زيادة أو نقص، فإذا بيعت للمضارب مصدر الورقة كان هذا البيع إقالة أو فسخا للاكتتاب، وليس عقدا جديدا، أما بعد قيام المشروع، وبداية النشاط فإن الورقة المالية تمثل – كما قلنا – حصة شائعة في مجموع مالي يتكون غالبا من أعيان ومنافع ونقود، وديون في ذمة الغير، ولما كان هذا المجموع يجوز التصرف فيه كله أو في حصة شائعة فيه، فإن الورقة المالية التي تمثل حصة شائعة يجوز تداولها والتصرف فيها كذلك، والشرط في جواز تداول هذه الورقة أن تكون الأعيان والمنافع غالبة على النقود والديون، ذلك أن الشريعة الإسلامية تجعل الحكم للغالب، ويقرر فقهاؤنا أن النادر لا حكم له، ومن القواعد المسلمة في الفقه الإسلامي أن ما لا يجوز انفرادا يجوز تبعا، فالدين عند الشافعية لا يجوز رهنه ابتداء، ويجوز تبعا، فإذا أتلف شخص المال المرهون وهو عند المرتهن ضمنه، وكان الضمان وهو دين في ذمة المتلف رهنا مكان العين المرهونة، والحمل في بطن أمه لا يجوز بيعه استقلالا، ويجوز بيعه مع أمه، وحقوق الارتفاق لا يجوز بيعها استقلالا، ويجوز بيعها مع العين التي تقرر الحق لها، كحق المسيل والشِرب، كما قرر الفقهاء أنه إذا كان بعض الثواب أبريسما أي حريرا والبعض الآخر قطنا أو كتانا جاز، وهكذا تجري قواعد الشرع الكلية وأحكامه الجزئية.
إما إذا كانت الديون هي الغالبة، فإن تداول الورقة المالية يخضع لأحكام تداول الديون، والجمهور يمنعون بيع الديون ورهنها، أما المالكية فإنهم يرون جواز بيع الدين للمدين به بما يساويه من النقود , بشرط أن تكون النقود مقبوضة في الحال , أما إذا بيع الدين لغير المدين به، فإنه يجب أن يباع بغير جنسه، فإن كان الدين نقودا وجب بيعه بسلعة، أو بنقد يختلف عن الدين في جنسه، وعلى ذلك فإن بيع الورقة المالية التي تمثل دينا في الذمة يخضع لهذه الأحكام.