للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الكساد في الاصطلاح:

الواقع أن المتتبع لأقوال الفقهاء في معنى الكساد يخرج من مطالعاته إلى أن جمهورهم يرى أن المقصود بالكساد انقطاع القيمة فالسكة إذا أبطلها ولي الأمر قالوا عنها بأنها كاسدة، وهذا المعنى لا يتفق مع المعنى اللغوي للكساد بأنه عدم نفاق السلعة أي نقصان قيمتها مع بقاء قيمة لها في الجملة والرضا بتداولها.

قال الكاساني: لو اشترى بفلوس نافقة ثم كسدت قبل القبض انفسخ العقد عند أبي حنيفة رحمه الله.. ولأبي حنيفة أن الفلوس بالكساد خرجت عن كونها ثمناً؛ لأن ثمنيتها تثبت باصطلاح الناس فإذا ترك الناس التعامل بها عدداً فقد زال عنها صفة الثمن. (١)

وجاء في الدرر السنية سؤال موجه للشيخ عبد الله أبا بطين مفتي الديار النجدية في زمنه: إذا كسدت السلعة بتحريم السلطان لها أو بغيره أو رخصت؟ فأجاب رحمه الله بإجابة مطولة جاء فيها ذكره بعض ما ذكره ناظم المفردات في الكساد ومعناه وحكمه فقال:

والنقد في المبيع حيث عينا وبعد ذا كساده تبينا

نحو الفلوس ثم لا يعامل بها فمنه عندنا لا يقبل بل قيمة الفلوس يوم العقد والقرض أيضاً هكذا في الرد

أي إذا انعقد بنقد معين كدراهم مكسرة أو مغشوشة أو بفلوس ثم حرمها السلطان فمنع المعاملة بها قبل قبض البائع لها لم يلزم البائع قبضها. اهـ المقصود. (٢)

هذا النص من الحنابلة: يعني أن الكساد انقطاع القيمة لا نقصها. وهو نص يتفق في مفهومه مع ما ذكره الكاساني من نص يدل على أن الكساد عندهم انقطاع القيمة، وقد فرق بعضهم بين الكساد والانقطاع فوصف الكساد بنقص القيمة إعمالاً لمدلوله اللغوي، قال في الكشاف:

وعلم منه أن الفلوس إن لم يحرمها السلطان وجب رد مثلها غلت أو رخصت أو كسدت (٣) اهـ. على أي حال فلا مشاحة في الاصطلاح وإن بعدت العلاقة بين المعنى اللغوي للكساد ومعناه الاصطلاحي عند الفقهاء.

فلدينا في بحث الكساد وأثره في ربط الالتزام بمستوى الأسعار مسألتان:

إحداهما: ما تعلق بالذمة من مال انقطعت ماليته بكساده –على المفهوم الفقهي- وذلك قبل قبضه من المدين.


(١) بدائع الصنائع ٥/٢٤٢.
(٢) الدرر السنية ٥/١٠٨
(٣) كشاف القناع ٥/٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>